الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
AhmedAllshehri@
القيم الحاكمة للاقتصاد لا تشبة القيم الحاكمة للقدرة الائتمانية، قد يصعب تبسيط تلك المفاهيم العميقة في الاقتصاد والمال، ولكن سأبذل جهدي لتفسير تلك الطلاسم الاقتصادية وآمل أن يسامحني غير المتخصص.
القدرة الائتمانية تعني قدرة الإقراض (فكلمة ائتمان تعني إقراض)، ما يحكم قوة الاقتصاد هي قدرته على الإنتاج ومدى توافر الموارد الطبيعية مثل البترول وتوافر الإستقرار السياسي والأمني ومجموعة أخرى معقدة من العلاقات في الاجتماع والسياسة والجيوسياسية وسياسة إدارة النقد داخل الاقتصاد.
عندما تٌصدر وكالة ائتمان أي تصنيف، فماهي مدلولات تلك المعايير أو المؤشرات أو التصنيفات، من السمات البارزة في هذا القرن وفي النظام الاقتصادي العالمي الحالي، أن حركة رأس المال أصبحت سريعة بين الاقتصاديات المختلفة بسبب التقدم التقني وأيضا العولمة والتحالفات العابرة للقارات؛ ولذلك نجد أن المستثمر يبحث عن مؤشرات ومعايير توضح له إلى أين يتجه بتلك الأموال والاستثمارات، والتصنيفات الائتمانية واحدة من تلك المعايير التي يتم النظر لها لمعرفة قوة أي اقتصاد، والصحيح أن نقول مدى قوة الائتمان (القروض)، على أيه حال السؤال المهم، ما مدى صدق تلك التصنيفات وعكسها للواقع، وهل يمكن الاعتماد عليها؟
الاستثمارات لها أشكال متعددة، استثمارات مالية تشمل (سوق الأسهم والسندات)، استثمارات عقارية، استثمارات مباشرة (تأسيس أعمال مباشرة مثل المصانع والأعمال التجارية…الخ)، بعد هذا التوضيح سوف أوضح لكم المنطقة التي تحللها الوكالات الائتمانية، أنها في الاستثمارات المالية ومنطقة الاسهم ومنطقة السندات، ويتم استخدام تلك التصنيفات من أجل تحديد تكلفة الإقراض وتدفق السيولة من الخارج. ولهذا فأن تلك التصنيفات تحدد الأمور الائتمانية فقط، ولا تعكس قوة الاقتصاد السعودي الحقيقي وذلك لعدد من المبررات:
1. العالم يعيش دورة اقتصادية هابطة (إنكماش)، أي أن العالم يعاني من إنخفاض النمو الاقتصادي بما في ذلك الصين والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، بل إن بعض الدول وصلت للإفلاس، ولذلك فوكالات التصنيف لا بد أن تقول للعالم شئ ما ؛ حتى ولو كان على حساب الدقة أو على حساب بعض الدول كما حصل في تصنيف السعودية من وكالة ستاندرد آند بورز.
.
2. موقف السعودية المالي لم يتغير كثيرا في إطار أدبيات الإدارة المالية المتعارف عليها، حيث أنها قامت بإيقاف السحب من الاحتياطي، وأستخدمت أدوات الدين المعروفة (السندات) لتمويل الإنفاق، واستخدمت الدين من موقع قوة وليس من ضعف أو تعثر، فالدين الداخلي هو أقل دين عالمي 1.6% مقارنة بحجم الناتج المحلي الذي فاق 2.8 تريليون ريال، ونحن كمراقبين اقتصاديين نرى أن ذلك مصدر قوة في الإدارة المالية، فكيف تكون السعودية أقل في التصنيف الائتماني من دول بلغ دينها الداخلي 100% من ناتجها المحلي أو أكثر من ذلك.
3. السعودية ليس لديها ديون خارجية، ونعتبر ذلك أن الاقتصاد ذو كفاءة عالية بالرغم من هيكلها الاقتصادي الحالي، ولا أرى أن الدول البترولية وبشكل خاص عملاق البترول -السعودية- تقارن ببعض الدول التي لديها ديون خارجية مثل تايوان حيث بلغت 181102 مليون دولار وتم تصنيفها AA- أو كوريا الجنوبية حيث بلغت ديونها الخارجية 420587.30 مليون دولار وتم تصنيفها AA- والقائمة تطول، وهذا يعطينا أن المعايير قد لا تعكس الواقع، وكل تلك الأرقام بحسب موقع tradingeconomics.com لمن أراد المزيد.
4. الاحتياطيات المتوفرة لدى الحكومة السعودية تقدر بـ 2.5 تريليون ريال سعودي، وتلك الاحتياطيات تعكس مدى الكفاءة المالية وبدون وجود تسيير كمي (طبع نقود) أو خلافة من التقنيات التي تستخدمها الدول في تحفيز اقتصادها، الأحصائيات قد تضلل وتُظهر جزئيات وتخفي الحقيقة.
5. السعودية تعتني بأدق التفاصيل الفنية في إدارة النقد، ولا سيما أننا نمتلك حماية كبيرة للورقة النقدية وقوانين صارمة في قضايا التزوير، وتطبق مستويات متقدمة من حماية الودائع ورأس المال وايضا الحماية من التقلبات الاقتصادية سواء من خلال بازل أو غيرها من المتطلبات كما في مجموعة العشرين الدولية، اقتصادنا اقتصاد حقيقي وليس كما في بعض الدول التي تمتلك تصنيف أعلى مما مُنح للسعودية مؤخرا، ويتحرك النقد المزور في تلك الدول بشكل مخيف ولا يتم الافصاح عنه.
ما تفسير ستاندرد اند بورز عندما فشلت في كشف تقييم مخاطر الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية، وإصرارها على منح بعض الدول تصنيف بالرغم من تخطي الدين ناتجها القومي.
آمل أن تعيد تلك الوكالات تصنيف السعودية بطريقة تعكس واقع الاقتصاد السعودي، وأن تحافظ على مستوى مقبول من المصداقية مع ضرورة أن تطوير أدواتها المستخدمة لأن الأشكال الاقتصادية مختلفة بين الدول.
ختاما لا يهمكم تقرير ستاندرد اند بورز، فإن عين الناقد الاقتصادي قد تعري معاييرها الفنية، لو تم وضعها تحت المجهر الموضوعي، ولكن جرت عادة النظام الاقتصادي العالمي الحالي على قبول تلك الأمور من باب التطمين وليس اليقين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال