الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
binsharidah1@
تسعى أغلب الحكومات إلى التحول التدريجي في إنتاج الطاقة باحتواء الطاقات المتجددة والنظيفة ومن أهمها قطاع الطاقة الشمسية وذلك قبل مؤتمر باريس للمناخ الذي سيعقد في كانون الأول (ديسمبر) لعام 2015 الذي من شأنه إنقاذ مناخ الأرض وتدارك الوضع قبل فوات الأوان.
فالدول التي تعتمد بشدة على النفط والغاز والفحم لتأمين حاجاتها من الطاقة، تتعرض لضغوط من المجتمع الدولي لخفض انبعاثاتها من الغازات المسببة لمفعول الدفيئة أو الاحتباس حراري.
وفي ظل تعزيز قطاع الطاقة الشمسية وتماشيا مع ضغوطات المجتمع الدولي، نجد أن الصين والهند في مقدمة تلك الدول المتحولة إلى الطاقة الشمسية الكهروضوئية واستقطاب جميع تطبيقاتها (السكنية والتجارية والمرافق).
أيضا لم يكتفوا بالتعزيز على المدى القصير بل وجدوا تلك الفائدة المرجوة من تلك التقنية العظيمة حيث ذكرت مؤخرا مصلحة الدولة للطاقة في بكين أن الصين أضافت 9.9 جيجاوات من قدرة الإنتاج لتوليد الطاقة الشمسية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، وفي الهند أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي عزمه مضاعفة قدرات إنتاج الطاقة الشمسية أضعافا مضاعفة لتصل إلى 100 جيجاوات بداية من هذا العام وحتى عام 2022.
وفي الإطار نفسه، المملكة العربية السعودية تعتبر واحدة من تلك الدول الكبرى والمهمة التي يجب أن تعزز موقفها تجاه استحواذ واستقطاب الطاقة الشمسية الكهروضوئية في جميع الجوانب، حيث تمتلك المملكة العربية السعودية مقومات كبيرة تتمثل في تنوع واتساع وتعدد المساحات الكبيرة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ومن أقصى شرقها إلى أقصى غربها فجميع أراضيها والحمد لله صالحة لاحتواء مشاريع الطاقة الشمسية كما هي مثبتة في الدراسات الحالية، بل أن أغلب أراضي المملكة تتعرض للإشعاع الضوئي بنسب أكبر من الأراضي الألمانية التي في الأصل تعتمد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء اليومي بنسبة 40% من انتاجها الإجمالي عوضا عن تصديرها للكهرباء للدول المجاورة لها بنسب يومية معينة.
وقياسا على ذلك، المملكة العربية السعودية لازلت توفر احتياجاتها من الكهرباء اليومي بحرق النفط الخام حيث ثبت أن الاستهلاك المحلي يقدر بنحو 4.2 ملايين برميل من النفط يوميا.
ووصلت قدرات توليد الكهرباء المتاحة إلى 65,506 ميغاوات على حسب ما ورد في التقرير الأخير للشركة السعودية للكهرباء، فيما أعلنت مجموعة آي اتش إس غلوبال إنسايت في تقريرها الأخير أنه سيكون هناك زيادة في إنتاج الكهرباء في المملكة العربية السعودية بنسبة 17% أو أكثر في عام 2018, أي أنه لو استمر انتاج الكهرباء بالطريقة التقليدية سنصل إلى حوالي 6 مليون برميل من النفط المستهلك محليا بشكل يومي وذلك بسبب عدة عوامل منها ازدياد الكثافة السكانية والتوسع في البنية التحتية والمشاريع الاستراتيجية كمشروع مترو الرياض والمدن الاقتصادية والجامعات ومشاريع الإسكان.
في الأمس القريب، صرح وزير البترول السعودي علي النعيمي عن أن السعودية تدرس رفع أسعار الطاقة المحلية وخفض نظام الدعم السخي وذلك لتقليل الهدر والاستهلاك المفرط للوقود وهذا من شأنه تخفيف الضغط عن الموازنة الحكومية ويعتبر من أكبر الإصلاحات الاقتصادية والتي توجب اللجوء إلى التغيير والتوجه للمصادر المتجددة كالطاقة الشمسية، لكن قبل تنفيذ هذا القرار من الواجب اتخاذ الإجراءات البديلة فورا ودون تأخر وهي التي من واجبها أن تساعد المستهلك على الاندماج مع الأنظمة الجديدة في المستقبل وأيضا مع الاضرار المتعلقة برفع الدعم عن الطاقة فهي تشمل عاملين رئيسيين (الكهرباء و وقود السيارات).
لماذا نريد الطاقة الشمسية؟ لنرجع قليلا إلى التاريخ أي قبل حوالي 100 سنة من الآن في الفترة البدائية من الاختراعات الكهربائية والمصابيح المتوهجة والتوزيع الكهربائي في الولايات المتحدة الأمريكية نجد أن العالم الشهير “توماس أديسون” قد أشار في أخر حياته إلى أنه يتمنى أن يضع أمواله في مشاريع الطاقة الشمسية وذلك مما يراه فيها أنها مصدر طاقة هائل ومتجدد وبديل للنفط والفحم.
وأيضا قال “أرجو ألا نضطر إلى الانتظار حتى ينفد النفط والفحم قبل أن نعالج ذلك”. أعتقد أن هذه الإشارة قد وصلت ذروتها فيمكن أن نقيسها على الوضع الاقتصادي الحالي في العالم في ظل تدهور أسعار النفط ووصولها إلى درجات تجبرنا إلى البحث عن حلول بديلة حتى نواكب هذه التغيرات.
وبالنسبة لكفاءة الطاقة الشمسية فهي يوما بعد يوم تثبت للعالم أجمع أنها أكفأ من غيرها من التقنيات الحديثة وهنا أنا أتكلم عن الكفاءة المجملة بجميع تفاصيلها ومراحلها (الإنشائية، التشغيلية، الإنتاجية، الصيانة والعمر الافتراضي) فهي قادرة على تغطية ما يقارب الـ 40% من الإنتاج اليومي للكهرباء إضافة إلى وقت الذروة، أما من ناحية الأسعار والتكاليف العالمية فهي تصنف من التقنيات الحديثة والمتطورة فهي في نزول مستمر في أسعار التكاليف حيث نزلت التكاليف مؤخرا إلى 70% وستستمر في النزول وهذه ميزة تحسب للطاقة الشمسية مقارنة بغيرها من التقنيات الناضجة كالتقليدية التي تعتمد على النفط والفحم، أما عن السعر المحلي فقد وقعت مؤخرا الشركة السعودية للكهرباء عقدا مع شركة تقنية وهي الشركة المملوكة للدولة وذلك لتوفير الطاقة الشمسية للشركة السعودية للكهرباء مقابل 5 سنتات للكيلوواط/ساعة فهذا السعر يعتبر الأرخص في العالم.
باستخدام المنطق نجد أننا قد وصلنا إلى فرصة ذهبية وتعتبر نقطة الانطلاق الرئيسية التي يجب ألا نفرط بها أبدا ومع ذلك نعتبر أنفسنا متأخرين ولكن نحن نأخذها من باب “ان تصل متأخرا خير من ان لاتصل ابدا”، فجميع المعطيات متوفرة لدينا ولله الحمد وقطاع الاستثمار ينتظر الإشارة حتى يبدا في استثماراته أضف إلى ذلك الشركات العالمية منها المقاولون والمصنعون فنحن أكثر بلد بحاجة إلى تنويع اقتصاده ودفع عجلة التنمية وخلق فرص وظيفية تنافسية جديدة للشباب والفتيات، زيادة على ذلك بإمكاننا توطين هذه الصناعة داخليا وهذا مما سيساهم في زيادة العوائد المالية سنويا على البلد ورفع كفاءة الاقتصاد.
إذن لماذا الانتظار؟.
الشريدة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال