الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
dalsmyran@
dlalsomyran@gmail.com
يكرر التاريخ نفسه لنتعظ ونحسن التصرف، إلا أننا أمام انخفاض أسعار النفط نقف كالذي يصطدم بالمعضلة للمرة الأولى.. منذ انهيار أسعار النفط في عام 1986م وحتى العام الحالي 2015م، ما العُدة التي جهزناها للتغلب على هذه الأزمة؟ لماذا نتشبث بالإيراد النفطي وكأنه المصدر الوحيد والسند الفريد!
يشكل القطاع النفطي حوالي 45 ٪ من عائدات الموازنة، و45 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و90 ٪ من عائدات التصدير! هذه النسب المرتفعة المرتبطة بالإيرادات النفطية تشكل تحديًا ضخمًا واعتمادًا كليًا على ارتفاع أسعار النفط أو على الأقل ثباتها. وصل بنا الأمر لهذا المطاف لأننا أغفلنا أمورًا لطالما كررناها بلا تمعن في فصولنا الدراسية “النفط ثروة طبيعية ناضبة”؛ لم نعي يومها مدى خطورة هذه الجملة وما تحمله في طياتها من عواقب وخيمة تنتج حال إهمالها. وحالنا اليوم ينطبق على المثل المشهور “قدر فلطف”، فرغم الانخفاض المستمر لأسعار النفط مؤخرًا استطاع اقتصادنا باحتياطيه الذي يُقدر بـ900 مليار دولار أمريكي، أن يصمد بشكلٍ مؤقت فقط.
ونرى ما أقره صندوق النقد الدولي مؤخرًا في تقريره الذي صرح فيه عن نظرته السلبية القلقة بشأن مستقبل اقتصاد المملكة، والمبنيةً على التوقعات والتقديرات المتشائمة بشأن استمرار تراجع أسعار النفط عالميًا، محذرًا المملكة بدورها من نفاذ احتياطياتها النقدية خلال خمس سنوات القادمة إذا ما استمر سعر النفط عند مستوياته الحالية.
ويأتي دورنا لنفكر بتعقل وببديهية اقتصادية، يستحيل استدامة إيراد اقتصادي ينتج من موارد (ناضبة) غير متجددة قطاعها متطور سعيًا في إيجاد بدائل تغني عن مصادره الأساسية. أسرفنا في أعوام عهد النفط الذهبي حتى أسرف اليوم في شتاتنا .. ذكرت في مقالٍ سابق أنه رغم كل هذه التداعيات لا نزال بخير.. لكن ماذا عن المستقبل؟؟ لن تجدينا التساؤلات التي نلتف حولها في دائرة مغلقة بأعين ملؤها الأمل: متى سترتفع أسعار النفط؟ كيف سترتفع أسعار النفط؟ ما مستقبل أسعار النفط؟، والتي تعكس عدم إدراكنا حتى الآن لردة الفعل المطلوبة من كل هذه الأحداث والتداعيات..
لن أتحدث عن الأسباب لأننا نعرفها جيدًا ولا عن الخطط والحلول التي تقلل من أثر تضررنا من هذا الانخفاض، بل سأتحدث عن أحد المصادر البديلة التي يمكننا الالتجاء إليها لنقلل من أهمية الإيراد النفطي المؤثر على اقتصاد المملكة والمتمثله بـ (الخدمات الإلكترونية التجارية)؛ الثروة التي تتوجه إليها معظم الدول النامية وتستثمر فيها مبالغًا هائلة تعود عليها بإيرادات ضخمة، مثلًا لحدث ليس ببعيد مشروعات الانترنت المجاني التي قدمتها عملاقتي شركات التقنية “Face book” و “Google “، وتكمن أهمية هذه المشاريع في أنها تمد ما يقارب ثلثي العالم بالانترنت! تخيل حجم فرص العمل الجديدة التي ستطرح جراء مشروع بهذا الحجم!
ولا تزال الخدمات الإلكترونية التجارية تحقق مشاريع و تطرح فرص تعادل ثروات وميزانيات دول بحالها! وتساعد في نمو اقتصاديات دول كبرى وعملاقة كالهند والصين؛ فقد ارتفعت إيرادات الخدمات الإلكترونية التجارية كما أثبتت الإحصائيات مؤخرًا بالصين في عام 2012م بمقدار 70 مليار دولار إلى 426 مليار دولار! أي نموًا بما يقارب 60%. ناهيك عما يصحبه نمو الخدمات الإلكترونية التجارية من تطور في أدوات التمويل مثل التوجه الجديد للتمويل الجماعي (Crowd funding) ومشاريع توصيل الطلبات التي تحرك قطاع النقل.
وفي ظل كل هذه المغريات والثروات نقف بقلق وحيرة أمام انخفاض أسعار النفط متسائلين عن وقت ارتفاعها.. فإلى متى سيظل النفط نقطة ضعفٍ تهددنا؟ وأين نحنُ عن استغلال ثروة الخدمات الإلكترونية التجارية؟
دلال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال