الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متخصص بالمسئولية الإجتماعية
تناقلت قنوات التواصل الاجتماعي مؤخرا العديد من المآسي التي لفتت انتباه العامة والعمال المغلوبين على امرهم خصوصاً لما قد تم تغييره في نظام العمل الذي يحكم العلاقة بينهم وبين اصحاب العمل من الشركات التجارية بكافة انواعها والملاك في الشركات الخاصة، وعند الرجوع لأهم النقاط التي تسببت في تلك المآسي نجد ان الوزارة تخلت عن مسئوليتها تجاه العامل من جهة وأرباب العمل تخلوا عن مسئوليتهم المجتمعية تجاه موظفيهم ومجتمعهم.
إن تعديل النظام ليجيز لرب العمل ان ينهي العقد غير محدد المدة في أي وقت يشاء وبسبب غير مشروع كما تم نصه في المادة السابعة والسبعين لهو خلل جذري يدل على ان من قام على سن هذا النظام هو فريق من ارباب العمل الباحثين عن الربح فقط ولم ينظر للعامل وحقوقه ومصيره ومصير ما يرتبط به من مجتمع يحمل مسئوليتهم ولا لمصلحة الوطن واقتصاده واستقراره.
النظام بهذا النص جعل كل الموظفين السيء والحسن في نفس الميزان، فبدلا من ان يؤكد على الحزم مع العامل السيء المتغيب الغير ملتزم الذي يشكل عبء على شركته ليكون النظام اكثر حزما معه في صف رب العمل، وجدنا النظام يضع الموظف الجيد المتفاني الذي كان جهده والتزامه وتحمله لمسئوليته سببا في تطور منشأته ونهضتها ليتم الاستغناء عنه بدون مبرر وفي أي وقت يرغب صاحب العمل بدون مراعاة للأعوام التي قضاها ولا لعمر الموظف ولا لحالته الاجتماعية والظروف التي قد يواجهها جراء هذا التصرف الغير مسئول.
هذا التغيير الذي مس النظام لن يكون اثره فقط على الموظف وحيدا، بل سيمتد على الاقتصاد الوطني و المجتمع بأسره، فالقيادة الحكيمة لهذا الوطن العظيم عملت خلال عقود من الزمن لتطوير هذا النظام ليكون لبنة قوية لتأسيس اقتصاد وطني متين يكون المواطن فيه هو القوة البشرية التي تعزز لنموه وتطوره، فكانت الجهود عظيمة لإقناع المواطنين للانخراط في العمل في القطاع الخاص وساهمت جهود الحكومة ودعمها السخي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية لتطوير قدراتها وتحسين انظمتها لتتقارب وتتوائم مع المؤسسة العامة للتقاعد لكي توصل الموظف بالقطاع الخاص للإحساس بالأمان عن عدم اهمال الدولة رعاها الله له حتى بعد تقاعده لتعول عائلته في حال عجزه او وفاته ولكي يجد فسحه من الحرية للانتقال بين القطاع الخاص والعام بدون قيود،
فكان النظام مسئولا بحق وهيأ لدعم القطاع الخاص بالمملكة وساهم في تطوره خلال السنوات الماضية ، ليس ذلك فحسب بل ان النظام ساهم في تطوير البنية التحتية و تعزيز القدرات المالية لدى الوطن حيث ان البنوك التجارية والمؤسسات المالية تمكنت من توسيع دائرة منتجاتها وارباحها حيث مكنت المواطنين العاملين في القطاع الخاص من الاقتراض لبدء مشروعاتهم الصغيرة التي كانت البذرة لشركات المستقبل، وكذلك تمويل احتياجاتهم الشخصية وسكنهم من البنوك وبأسعار فائدة منخفضة تقدمها البنوك بسبب مستويات المخاطرة المنخفضة جدا من عدم الوفاء بالديون بسبب وجود نظام عمل قوي يحمي العامل من الفصل التعسفي مما يضمن سداد مديونيات البنوك والتزام العمال بالسداد عن طريق تحويل رواتبهم فقط،
وبالرجوع للمجتمع السعودي في الوقت الحالي، نجد ان اهم ما يؤرق ابنائه هو الحصول على وظيفة لكسب العيش الكريم في ظل وجود نسب بطالة ترهق كاهل الوطن وأمنه واستقراره، ولعل معدلات الجريمة عالمياً وفق الدراسات العالمية تؤكد تزايده بتزايد حجم البطالة في أي بلد، فكيف ببلدنا بعد هذا النظام الغير مسئول! هل سيتم حل مشكلة البطالة أم مشكلة من تم انهاء عقده بدون مبرر وخلفه اسرة يعولها؟ وكيف سيتم اقناع من يبحث عن عمل بالعمل في القطاع الخاص بعد هذا النظام ؟
إن على وزارة العمل ان تكف عن الاعتذار بأن من سن النظام لجان خبيرة فأبناء الوطن اصبحوا اكثر علما وثقافة في هذا العهد الزاخر وعليها المضي قدما لتحمل مسئوليتها الحتمية بتعديل الفقرات التي اضعفت فيها موقف العامل المتفاني امام رب العمل لتكون بحق وزارة ترعى عقد العمل بكل أمانه ومسئوليه،
أخيرا، ان شركات القطاع الخاص التي تهتم لسمعتها والتي ما زالت تحقق ارباحا طائله ومستويات انتشار وتوسع جيده يجب ان تتذكر ان تلك النهضة والتطور كانت بسبب ابنائها الذين عملوا بها لسنوات ليتحقق هذا النجاح، فمن المخزي ان تتخلى تلك الشركات عن موظفيها بدون مبرر وتتباهى بمسئوليتها المجتمعية، ولا تنسى الشركات التي تتشدق بأعذار التطور التقني والمعرفي بأن العامل لديها كان من الممكن ان يتطور لو تم تبنيه وتطويره والحاقه بدورات تدريبية لإعداده جيدا ليواكب تطور العالم من حوله ولكن شركته لم تكن مسئولة تجاهه.
البقمي
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال