الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
نهاية العام الماضي كتبت مقالا بعنوان “2015…عام مرعب في الاسواق المالية” توقعت فيه أن تشهد جميع الأسواق المالية تذبذبات حادة في الاتجاهين. وحذرت أيضا من خلاله كل من يتداول في الأسواق عشوائيا وعن غير دراسة وافية أنه سيتعرض لخسائر كبيرة. كلامي كان عن جميع أسواق الأسهم والعملات والسلع وغيرها.
لم يكن كلامي تنجيما إنما قراءة للوضع العالمي الذي كان فيه ضبابية كبيرة قادمة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين التي تعتبر اقتصاداتها المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي. ما زال الاقتصاد العالمي لم يخرج تماما من اثار الأزمة العالمية إلا أنه بكل تأكيد ليس أسوأ حالا مما كان عليه قبل عدة سنوات. المؤشرات الاقتصادية ايجابية بكل تأكيد لكن ما يقف في اتجاه ثقة المستثمر هو تأرجحها ومقارنتها مع سنوات سابقة. بشكل عام بدأنا نلحظ استقرار معظم المؤشرات مما يعطي أملا في قدرتها على النمو في المستقبل. والأهم من ذلك هو تأقلم الأسواق مع التغيرات الجذرية التي حصلت واستعدادها للتعامل مع المزيد منها باعتبارها جزءا من الدورات الاقتصادية بعيدا عن الهلع غير المبرر.
تراجع النمو الصيني كان أمرا متوقعا إلا أن التعامل معه كان دائما بوصفه كارثيا فأصبح كل رقم سلبي من الصين يثير هزة في الأسواق. من ناحية أخرى، شكل تراجع أسعار النفط كابوسا متواصلا لكل المتعاملين في الاقتصاد. سعر الفائدة في الولايات المتحدة والجدل المصاحب له كل شهر أيضا لم يساعد الأسواق إضافة إلى برنامج التحفيز الأوروبي والأزمة اليونانية. كل تلك العوامل أصبحت جزءا من السوق وصارت قابلة للتعامل معها بعيدا عن الفرضيات المدمرة التي تتحدث عن انهيارات اقتصادية.
المشكلة التي تواجه المستثمر في فترة الضبابية هي القدرة على بناء توقعات اقتصادية معينة بعيدا عن التأثيرات الخارجية السلبية. كل ما سبق ذكره يندرج تحت التأثيرات الخارجية وهي ما أدى إلى التذبذبات الكبيرة. السلبية بعيدا عن الضبابية ليست مشكلة بحد ذاتها لأنه اذا أمكن توقع التأثير السلبي فهو سيشكل فرصة استثمارية مهمة لمن يجيد اقتناصها.
في الفترة الحالية أرى أن الضبابية تراجعت كثيرا وإن لم تختفي نهائيا بعد. أقول الضبابية وليس السلبية فعلى سبيل المثال في العام الماضي كان احتمال هبوط النفط تحت سعر 75 دولار للبرميل مخيفا وعندما حصل أثار ذعرا وهلعا في كل مكان. اليوم وبعد استمرار الأسعار في مستويات منخفضة لفترة ليست قصيرة، رأينا أن الاقتصاد من الممكن أن يتعايش معها وإن كانت سلبية على النتائج. للتوضيح، لا أقول أن الأسعار المنخفضة هي شيء جيد للاقتصاد في العالم لكننا يمكننا بناء توقعات اقتصادية بناء لما نراه يحدث الان مقابل عدم إمكانية توقع المرحلة التالية لهبوط الأسعار عندما كانت مرتفعة. نفس الأمر ينطبق على الاقتصاد الصيني، توقعات تراجع النمو كانت مخيفة لكن مع مرور الوقت ستتحول النظرة إلى اعتبار نسبة 6.5 % جيدة بدلا من التركيز على النسب الأعلى في السنوات السابقة.
في الأشهر القادمة تتجه الاقتصادات العالمية الى الخروج من مرحلة الضبابية. قد تكون هناك تأثيرات سلبية تختتم بها المرحلة ثم تنجلي الصورة كاملة بسلبياتها وايجابياتها. ذلك الوضع هو ما يبحث عنه المستثمر لبناء مواقعه الاستثمارية في انتظار الانتعاش القادم. ستعود العجلة الاقتصادية للدوران تدريجيا الى أن تصل إلى سرعات مرتفعة في السنوات المقبلة. المستثمر الذي أتحدث عنه لا أقصد به فقط المتداول في الأسواق المالية ولكن كل من يستثمر رأس ماله في كافة القطاعات الاقتصادية. تراجعت الاستثمارات بكل تأكيد في الفترة الماضية لكنها على وشك أن تعود للحركة من جديد.
نظرتي للفترة القادمة هي أن الاقتصاد ككل في طريقه لنفض غبار المرحلة السابقة نهائيا وهو حتى ينتهي من ذلك قد يجر الأسواق المالية إلى الأسفل. بعد ذلك سيبدأ باتخاذ الوضع الذي سيسلكه لسنوات قادمة. عام 2016 هو عام الاستثمار بامتياز وقد يكون اخر فرصة للاستثمار بقيم جيدة قبل ارتفاع الأسعار مجددا وتضخمها.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال