الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عضو معهد التقييم الكندي (AIC)
@IbraheemAlsahan
في عام 1910 فرضت حكومة أستراليا رسوم الأراضي البيضاء، حيث كانت الكثير من الأراضي ذات المساحات الشاسعة مملوكة لعدد بسيط من الشعب، كان الهدف هو كسر احتكار هذه الأراضي ذات الامتداد الكبير والتي كانت تؤثر على التطور العمراني للمدن والقرى التي تقع في وسطها أو أطرافها. بدأت الرسوم تؤتي ثمارها، حتى وصفت بعض الدراسات أن امتلاك الأرض في ذاك الوقت بات “محرما” اقتصاديا، ما لم يكن مالك الأرض على استعداد تام لاستثمارها وتطويرها لشيء منتج يعود نفعه عليه وعلى المجتمع. واستمرت هذه الحالة حتى صارت الأرض غير مرغوبة وأصبح الجميع يحاول التخلص منها وانتقلت الأموال إلى استثمارات أكثر إنتاجية حتى نمت قطاعات أخرى وانتعش الاقتصاد وازدهرت التنمية.
في عام 1952 تم إصدار قرار بالتوقف عن العمل برسوم الأراضي على مستوى الدولة ويمكن العمل فيه على مستوى فيدرالي بحيث تقدركل منطقة مدى حاجتها لذلك، وذلك لأن دخل الحكومة من رسوم الأراضي البيضاء في بعض المناطق شهد انخفاضا كبيرا ليصل إلى أقل من 2%, بعد أن كان يمثل 75% من إجمالي الدخل في بداية فرض الرسوم, ولهذا لم تعد تغطي تكاليف إدارتها فضلا على أن تضيف للحكومة أي دخل مجدي, و هذا هو التأثير المباشر لانخفاض قيمة الأراضي وعدم رغبة أي شخص في تملكها في ذلك الوقت. كذلك فإن التنوع الإقتصادي الموجود كان كفيلا بأن يصرف المستثمرين عن احتكار الأراضي، وبالتالي نشأت ثقافة لدى الجميع بأنه ليس للأرض قيمة ما لم تطور وتنتج وتحقق عائدا للمالك وللاقتصاد.
لا تختلف الدراسات العلمية المنشورة حديثا بجدوى رسوم الأراضي البيضاء، حيث تجمع الدراسات على أثارها الإيجابية من حيث تحفيزالتطوير العمراني، والحد من التمدد الأفقي المضر بالمدينة و الذي يشكل ضغطا ماليا وزمنيا على مشاريع البنى التحتية بدء بالخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي وإنتهاء بالنقل من حيث شق الطرقات وإيصال خدمات النقل العام، كذلك أجمع الباحثون على أن رسوم الأراضي تعتبر محفزا للإقتصاد ورافدا للتنمية بعكس أنواع الضرائب المختلف، حيث ستخرج الثروات المكتنزة في تلكم الأراضي سواء ببيعها لكي تصب في الإقتصاد وتنمي قطاعات الإقتصاد المختلفة والتي ستضيف للمجتمع و تعزز كفاءته الإنتاجية.
أما الرسوم في السعودية فتكون رافدا مهما لوزارة الإسكان لضخ الوحدات السكنية المختلفة والتي بدورها ستزيد من عرضالوحدات السكنية مما سيؤثر بالتأكيد على المدى المتوسط والبعيد على أسعارها لتكون متناسبة مع الإمكانيات المالية لأغلب المواطنين.
الخلاصة، قبل أكثر من قرن من الأن وخلال 42 سنة فقط نجحت أستراليا في كسر الإحتكار بفرض رسوم الأراضي البيضاء, والنظر إلى ملكية الأرض دون تطويرها على أنها محرمة اقتصاديا, ومع التقدم العلمي ووجود التقنيات الحديثة من الممكن أن تختزل هذه المدة إلى الربع أو أقل. وما سيحدد بدقة مدى تأثير رسوم الأراضي البيضاء على السوق العقاري ومدى تحقيقه لهدف كسر احتكار القلة, هي آلية التنفيذ التي أوكلت للجنة التي يترأسها وزير الإسكان, ومن خلال استعراض التجارب السابقة وجد أن أهم عوامل نجاح رسوم الأراضي البيضاء على مر التاريخ هي تضييق دائرة الإستثناءات وفي النموذج الأسترالي كان الإستثناء للأراضي السكنية بمساحة 1,200 متر مربع لكل شخص. كما أن نسبة الرسوم كانت مرتفعة بحيث تحفز على التخلص من عبء تكاليف الرسوم بشكل عاجل, والأهم من ذلك كله أن الرسوم كانت تدفع سنويا وللتأكد من ذلك كانت حكومة استراليا تفرض غرامة قدرها 8.8% من قيمة الرسوم لكل (يوم) تأخير في السداد.
وحاليا بعض المقاطعات في كندا كمثال, تفرض غرامة 5% بعد 3 أشهر مهلة, و 10% بعد 6 أشهر, ثم تبدأ باجراءات البيع القسري للعقار تحت إشراف المحكمة في حال استمر المالك في الممطالة, ولم يقدم العذر المقبول للتأخير, وهذه الإجراءات المشددة للدفع سنويا لكي لا يسمح للمالك بأن يراكم الرسوم حتى بيع العقار والذي سيحول رسوم الأراضي البيضاء إلى ضريبة تسجيل العقار, والتي تعتبر من أسوء أنواع الضرائب في أي اقتصاد لأنها تضعف نشاط السوق العقاري وسيكون المشتري من يتحمل قيمة الرسوم المتراكمة على مر السنين.
و وفقا لدراسة قامت بها KPMG – شركة محاسبة واستشارات عالمية- فرع أستراليا, توصلت الدراسة إلى أن رسوم الأراضي البيضاء هي الأكثر مساهمة في تنشيط الإقتصاد وعلى النقيض تماما ضريبة تسجيل العقار والتي تعتبر من الأكثر ضررا على المستهلك والنشاط الإقتصادي بشكل عام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال