الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
@binsharidah1
من منا لا يعرف “تاكيو اوساهيرا”؟ الذي ابتعثته الحكومة اليابانية لجامعة هامبورغ في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك لدراسة اصول الميكانيكا العلمية، حيث سافر إلى هناك وكان حلمه الذي يتمنى تحقيقه هو أن يصنع محركا ميكانيكيا كامل الصنع يحمل شعار (صنع في اليابان). درس بجد وأجتهد وأنهى دراسته بتفوق لكن لم يزل حلمه الذي كان نصب عينيه لم يتحقق بعد. أشترى محركا صغيرا من مدخراته وأحذه إلى غرفته وفككه قطعة – قطعة حتى يكتشف ذلك الغموض ويتعرف على أسرار المحرك، ثم قام بتجميعه مرة أخرى وأعاد تشغيله وكرر ذلك مع محركات أخرى وأتقن فن الصناعة، عاد بعدها إلى اليابان وصنع 10 محركات يابانية الصنع 100% وحملها إلى قصر الإمبراطور الياباني، عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني وهي تعمل فرح كثيرا وابتسم وقال: “هذه أجمل معزوفة سمعتها في حياتي”.
في الحقيقة نحن لدينا في المملكة العربية السعودية أكثر من شاب وشابة يشبهون “تاكيو اوساهيرا” في الطموح والتفوق والذكاء، وحوالي 150 ألف من هؤلاء تم ابتعاثهم للدراسة في الخارج وذلك لتعلم العلوم على أصولها في مختلف جامعات العالم العريقة، بالإضافة إلى طلاب الداخل فهم يمثلون شريحة كبيرة من شباب وشابات المجتمع، فنقلا عن مركز المعلومات الوطني في المملكة العربية السعودية بلغت نسبة الفئة العمرية لمن هم أقل من 30 عاما حوالي 67% من إجمالي عدد السكان، أي نسبة الشباب والشابات تمثل الشريحة الأكبر.
هذه الفئة العمرية لازالت تعاني من مشكلة البطالة التي تقدر بنحو 11.7% وأيضا حلولها الغير مجدية وغرس مفهوم الوظيفة بدلا من الإبداع والابتكار وزد على ذلك عدم التنوع في مصادر الدخل والاعتماد على الاستهلاك بشكل كبير جدا، فكل هذه التداعيات أدت إلى زيادة قيمة الواردات إلى 652 مليار ريال بدلا من 150 مليار ريال وذلك قبل حوالي 10 سنوات. بالتأكيد ستكون في ازدياد في المراحل القادمة من أجل تغطية النقص المسجل في الداخل، فالتحديات التي تواجه اقتصاد المملكة كبيرة ومن الضروري العمل على تطوير مصادر الدخل وتنويعها وذلك لتخفيف اعتمادنا على النفط كدخل أساسي، فيجب الاستفادة من أفكار الشباب وتحويلها إلى واقع حتى يصبحون قوى فعالة ومنتجة، وعدم الاكتفاء بتسجيل إبداعاتهم كبراءات اختراع فقط.
الغريب أن أغلب ما نستورده نحن قادرين على صناعته أو على الأقل المشاركة في صناعة جزء منه، فالصناعة العالمية باتت الآن تعتمد اعتمادا كليا على منظومة سلسلة التوريد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكننا الانفراد بتصميم هياكل سيارات لشركة عالمية أمريكية أو أوروبية أو حتى تجميع محركاتها أو صناعة أجزاء لمعدات كهربائية منزلية أو صناعية ذات جودة عالية أو تجميع أجزاء هواتف نقالة لشركة عالمية أو الدخول في مجال صناعات الطاقة المتجددة كصناعة الخلايا الكهروضوئية فالسليكون في رمال بعض مناطق السعودية تصل نسبته إلى 99.9%، أيضا الصناعات المتعلقة بالطاقة المتجددة هي المستقبل الواعد في العالم، والأمثلة على الصناعات التي تحتاج إلى توطين واستقطاب لا تعد ولا تحصى. لذلك نحن نحتاج إلى تصحيح عاجل لمسار اقتصادنا مع تحول وطني وخلق نقلة حقيقية من عالم التشغيل والاستهلاك إلى عالم الصناعة والابتكار ومن ثم التصدير، فكثير من الصناعات المهمة أهملناها مع أن القدرة والكوادر البشرية والموانئ والأراضي لدينا متوفرة ولله الحمد وكل ما ينقصنا هو التعاون والتنفيذ.
كلنا نعرف أن الشركات العالمية في مختلف الصناعات أصبحت تهرب بمصانعها وخطوط إنتاجها ومراكز أبحاثها إلى مناطق يسهل فيها تحقيق الأرباح بنسب عالية، فتجدها قد أغلقت مصانعها في بريطانيا وذهبت بها إلى الهند أو من أمريكا إلى الصين، وهذا كله على سبيل المثال المأخوذ من الواقع الذي نشاهده على محطات الأخبار أو على الإنترنت أو في الصحف اليومية.
إذن، لماذا لا نجعل هذه الصناعات تهرب إلى السعودية؟؟ إضافة إلى ذلك، فإن تواجد الشركات والمصانع العالمية في السوق السعودي يسمح برفع مستوى المنافسة وبالتالي تحفيز الاقتصاد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال