الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
طريق الحرير الصيني الذي أعلنته الصين مؤخرآ تحت مسمى مشروع “حزام واحد، طريق واحد” ليس مجرد جزء من تاريخ أسطوري فقط كما تطرق له برنامج ” على خطى العرب ” بقناة العربية كجزء من حضارة تجارية عربية عظيمة، لكنه سياسة صينية أقتصادية قديمآ وتم أحياؤها حديثآ وذات أبعاد أستراتيجية هامة طويلة الأجل في التجارة العالمية، ولتوجيه هذه المبادرة بين آسيا والغرب وافريقيا وما يقع بينهم من دول شرق أوسطية خصوصآ دول الخليج المصدر الأكبر للطاقة بالعالم والموقع الجغرافي بميزة شبه مطلقة لطريق هذا المشروع، طرحت الصين وثيقة مخطط عمل نظامي وملموس لها إلى حد كبير لتحقيق خمس أستراتيجيات: 1. تعزيز ربط السياسات العامة كضمان مهم لبناء ” الحزام والطريق ” 2. تعزيز ربط منشآت البنية التحتية كأولوية في بناء ” الحزام والطريق “، مع الاهتمام بالبنية التحتية بما فيها الممرات الرئيسية ونقاط الترابط الرئيسية والمشروعات المهمة، ودعم استكمال مرافق ضمان وسلامة الطرق ووسائل إدارة المواصلات والرفع من مستواها، كذلك البنية التحتية للطاقة وبناء شبكة إنترنت للخط الرئيسي للاتصالات العابرة للحدود “طريق الحرير المعلوماتي”. 3. إزالة حواجز التجارة والاستثمار، وخلق بيئة جيدة للتجارة الدولية والإقليمية، وبناء مناطق تجارة حرة مشتركة للدول والمناطق على طول ومسار الحزام والطريق. 4. الترابط المالي وتعميق التعاون المالي، لبناء نظام مستقر للعملات الآسيوية والاستثمار والتمويل والائتمان، وتوسيع نطاق وحجم الصرف وتسوية الحسابات بين عملات الدول المشتركة ، وتعزيز انفتاح وتطور سوق الأوراق المالية لها فيما بينها. 5. ترابط الشعوب المشتركة بخط الحرير والحزام اجتماعيآ لتعزيز مفهوم ترابط المصير المشترك، منها تقديم عشرة آلاف منحة حكومية للمناطق والدول على طول الحزام والطريق سنوياً، وإنشاء منتدى دولي لأعضاء خط الحزام والطريق الواحد. من المتوقع أن تشهد التجارة بين دول “حزام واحد، طريق واحد” خلال السنوات الخمس الأولى من أطلاقه نحو 10 تريليونات دولار أميركي حسب تقديرات الصين، حيث قامت الصين بتحديد ما قيمته 500 مليار دولار أميركي لأنشاء البنك الآسيوي للاستثمار، تم دفع منها 100 مليار دولار كرأسمال حالي، هذا البنك حظي بتجاوب ودعم أيجابي من أهم دول الخليج نهاية مارس عام 2015 وتحديدآ أبوظبي كمؤسس بـ 10 مليار دولار،أضافة لدولة مصر، وبلغ عدد الأعضاء المؤسسين للبنك أكثر من 44 دولة ، منها بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها من دول من خارج آسيا. وتعتبر المهمة الرئيسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية هي تقديم الدعم المالي لبناء منشآت البنية التحتية وبناء “الحزام والطريق”، وهو يمثل إضافة للنظام المالي الدولي الحالي في مجال جمع التمويل لبناء منشآت البنية التحتية، لذلك ستكون آسيا المركز الرئيس لتنمية الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن إنشاء البنك الآسيوي لا يفتح الباب لفرص جديدة لتنمية اقتصادها فقط وإنما يدفع بناء هيكل مالي عالمي متعدد الأطراف. وكذراع من هذا البنك، تم أنشاء صندوق طريق الحرير الذي دعت الصين إلى إنشائه برأس مال 40 مليار دولار، وتم تسجيله وتنفيذ عمله. وفي الوقت نفسه، نجحت الصين بجهود تسوية الحسابات التجارية عبر الحدود بالعملة الصينية (الرنمينبي) كذلك أعتمادها كعملة أحتياط مؤخرآ لدى صندوق النقد الدولي، أضافة لإنشاء فروع للأجهزة المالية في المناطق والدول على طول طريق الحرير. مشروع طريق الحرير الجديد “حزام واحد، طريق واحد” لن يساهم فقط في تنشيط الاقتصاد الخليجي تحديدآ والبالغ حاليآ حجمه 1.6 تريليون دولار مع قوى ثلثي الأقتصاد العالمي، بل مؤكد أنه سيساهم في تغيير المشهد الأقتصادي والسياسي للشرق الأوسط نحو الأستقرار والأمن وتحديدآ لدول الخليج اذا علمنا أن هناك تقاطع اقتصادي وتحديدآ للصين وطوكيو والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا والفلبين مع دول الخليج “الأكثر حاجة وثقلآ ” لهذا المشروع سواءآ بصفتها مصدر ضخم للطاقة أو بصفة حجم أقتصادها الكبير مجتمعه، وهنا ستعزز حصة طاقة أكبر وتنمية أعلى، بما يعني استمرارها لتحقيق أهداف تنمية مستدامة، مع اضافة مصر والسودان والأردن بصفتهم مرتبطون جغرافيآ بالطريق أولآ، وبصفتهم حلفاء أستراتيجيون لدول الخليج ثانيآ. خلال منتدى التعاون الصيني- العربي الذي عقد في بكين في يونيو من العام 2014، طرح الرئيس الصيني شي جين استراتيجية (1+2+3) للتعاون الصيني- العربي المعنية التي تعني الطاقة أولآ هي جوهر التعاون الثنائي، تعميق التعاون في سلسلة صناعية شاملة للنفط والغاز، ضمان سلامة ممرات نقل الطاقة ثانيآ، واعتبار الثلاثة مجالات للتكنولوجيا الفائقة الجديدة، الطاقة النووية والأقمار الاصطناعية، والطاقة الجديدة هما الأهداف. ما نلاحظه في الأستراتيجيات الخمس أنها أدوات ونتيجة حتمية لأي تكتل نظام أقتصادي عالمي متطور وحديث سواءآ مع هذا المشروع أو مايشابهه مثل قمة الدول العربية مع أمريكا اللاتينية، لكني سأركز على الأستراتيجية الثالثة وتحديدآ مناطق التجارة الحرة، فعلى أرض الواقع تكون الأمارات من خلال منطقة جبل علي شبه جاهزة لهذا المشروع، الكويت تخطط لاستثمار 130 مليار دولار لتأسيس منطقة جديدة تحمل اسم ” مدينة الحرير” في منطقة ساحلية شمالية، فيما تخطط عُمان لتأسيس منطقة ” الدقم الاقتصادية الخاصة ” في منطقة ساحلية في شمال شرقي عُمان، السعودية أنجزت مراحل متقدمة من مدينة الملك عبدالله الأقتصادية بجازان لكنها لم تعلنها كمنطقة تجارة حرة، لذلك من الضرورة للمملكة أدراج هذا الملف ضمن برنامج التحول الوطني المقرر تنفيذه قريبآ وتحديد موقعها من هذا المشروع بكل ثقلها وأعلان خطتها وفق جدول زمني، حيث وجود أكثر من منطقة تجارة حرة بدول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط لايعني أن تكون كل منطقة على حساب الأخرى، بل تمامآ يعزز المنافسة والثقل الأقتصادي والأمن الأقليمي بعيد المدى لكافة دول الخليج.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال