الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
@binsharidah1
كلنا لا يخفانا المضار التي يترتب عليها استهلاك الوقود الأحفوري، كالبترول ومشتقاته والفحم والغاز الطبيعي، فاستهلاكه بشكل واسع في توليد الطاقة قد أثر على البيئة بشكل كبير وأدى إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وخلق بيئة وأمطار ملوثة ودرجة حرارة أرض مرتفعة وكوارث بيئية ومشاكل صحية عديدة ووصول مستويات المخاطر التي تحدق بالبيئة إلى معدلات مرتفعة، وأعتقد أن هذه التأثيرات أيضا بدأت تنتفل بضررها إلى الاقتصاد العالمي وخصوصا الدول المنتجة للنفط.
فما نشاهده هذه الأيام من تغيرات وتقلبات في الأسواق العالمية وأسعار النفط هو دليل مؤكد على أن ما يحدث هو تغير جذري لمستقبل الطاقة في العالم، فالأنظار والاستثمارات بدأت تأخذ اتجاهاتها إلى الطاقة المتجددة والنظيفة بشكل ملحوظ، وهذه الاستثمارات حققت تقدم هائل في مجال تطوير تقنية الطاقة المتجددة والاستفادة منها على وجه عملي، فنقلا عن “مبادرة سياسة المناخ” التي تهدف إلى نشر الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية على وجه الخصوص، قد وصلت التمويلات والاستثمارات في العالم إلى 391 مليار دولار ومع زيادة بنسبة 18% في عام 2014م، وفقط 9 مليار دولار ذهبت للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أي بنسبة 2% من التمويل والاستثمار الكلي حيث تعتبر قليلة جدا مقارنة بأمريكا التي وصلت إلى نسبة 12%، وأوروبا بنسبة 24%، وشرق آسيا بنسبة 31%.
ويتضح لنا هذا التقدم من الانخفاضات الهائلة بالتكاليف، فكما أشرنا في مقالات سابقة أن أسعار خلايا الطاقة الشمسية قد انخفضت بنسبة 75% منذ عام 2008م، وتقنية تخزين الكهرباء والبطاريات قد زادت كفاءتها وستكون أسعارها منافسة بحلول السنة القادمة، كما انخفضت أسعار التوربينات الهوائية بأكثر من ربع قيمتها منذ عام 2009م إضافة إلى تطور هذه التقنية بشكل كبير جدا كمزارع الرياح العائمة في سواحل أسكوتلندا أو كتقنية الريش المصنوعة من ألياف الكربون خفيفة الوزن ورخيصة الثمن وعالية الأداء. وهذا في مجمله سيسبب طفرة حقيقية بتزايد مشاريع الطاقة المتجددة خصوصا في دول الخليج والتي ستكون منافسة بأسعارها للطاقة التقليدية دون الحاجة لدعم حكومي وذلك في غضون 5 سنوات قادمة.
في الحقيقة إيرادات النفط باتت ضعيفة مع انخفاض النفط الحاد ولا نعلم إلى أين ستذهب بنا هذه الانخفاضات والتكهنات اليومية التي تصدر في الإعلام والصحف مع أن وكالة الطاقة تتوقع ارتفاع النفط تدريجيا إلى 80 دولار للبرميل وليس أكثر بحلول عام 2020م، ولن تنتهي المشكلة لأننا سندخل في عراك طويل مع النفط الصخري، ومع ذلك لا يجب أن نظل واقفين ومكتوفين الأيدي وننتظر أسعار النفط ترتد إلى وضعها القديم دون التوجه للخطط البديلة، فما مضى أصبح صفحة من تاريخ وانطوت ولا يمكن الرجوع إليها إلا إن حدثت معجزة، ومن الخطأ أصلا رسم الآمال على مورد ناضب كالنفط، فنحن لانزال مطالبين بخفض مستوى الأضرار التي تستهدف البيئة ومن ضمنها تقليل الاعتماد على النفط وهذا كان واضحا وصريحا في قمة المناخ التي أقيمت في باريس.
إذن، الاستثمار بالطاقة المتجددة يعني الاستثمار باقتصاد المستقبل، فالاستباقية لإقامة مثل هذه المشاريع هو الذكاء الحقيقي، أما الانتظار والتعذر بعمل الدراسات والبحوث وإطالة مداها يعني الوصول لمرحلة الاضطرار وهذا هو الخطأ الذي نريد أن نتفاداه ولا نقع فيه، فالعالم من حولنا يتحرك ويشتعل بالمشاريع والاستثمارات، أيضا الطريق لدينا لا يزال مفتوح والحماس لازال موجود وباب الاستثمار بالطاقة المتجددة من الأفضل أن يفتح على مصراعيه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال