الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مختصة في سياسات و تشريعات الطاقة
aman_eamanii@
مقدمة:
تعتمد إقتصاديات المملكة العربية السعودية على مبيعات الريع النفطي حيث يبلغ إجمالي عائدات تصدير النفط حوالي 85% من إجمالي عائدات التصدير. وتتصدر المملكة العربية السعودية دول منطقة الشرق الأوسط في إستهلاك منتجات الطاقة ! حيث تعتمد تغذية الطلب المحلي على منتجات الطاقة بشكل رئيسي على مصادر الوقود الأحفوري من النفط والغاز. ففي عام 2013م تم انتاج حوالي 85% من الكهرباء محليا من النفط و من الغاز المصاحب حوالي 42% . وبحسب تقريرالطاقة السنوي لشركة BP فإن نمو الطلب المحلي للطاقة نمى بمعدل مثير للقلق، وذلك تقريبا ما يعادل 7.5 % خلال السنوات الخمس الفائتة. هذا ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة محليا وذلك لدواعي نمو النشاط الاقتصادي و الصناعي والسكاني، وذلك إلى نسب تصل إلى 4.4% سنويا حتى عام 2035م (أي أن الطلب سيرتفع بمعدل 350 مليون طن من النفط المكافئ في السنة!). وكل هذه الحقائق من معدلات الأستهلاك المتنامي للنفط هي لعدد من الأسباب منها أنماط الاستهلاك الجائر للطاقة نتيجة لطبيعة نظام دعم منتجات الطاقة سواء من تعرفة الكهرباء و تسعيرة المحروقات في المملكة، التي لا تعزز مفهوم الترشيد وحفظ موارد الطاقة من الهدرو بالتالي إلحاق الضرر بموارد البلاد النفطية و تقليل مستوى كفاءة الأستهلاك بين كافة شرائح و أنواع المستهلكين للطاقة محليا.
أثر الهدر على صادراتنا النفطية:
وفي الوقت الذي يتنامى فيه الاستهلاك المحلي لمصادر الوقود الأحفوري بسبب نمو النشاط الاقتصادي المعتمد على الصناعات كثيفة الطاقة و تحلية مياه البحر و النمو السكاني ويشمل ذلك السكان المحليين و العمالة المستقدمة من الخارج. ولتلبية الطلب المتنامي المتوقع من الطاقة محليا تحتاج المملكة إلى إستثمارات ضخمة للتوسع وتحديث البنيية التحتية في البلاد. فمن المتوقع أن يكون الضغط على الموارد من الوقود الأحفوري سيتسبب في التأثير السلبي على المردود الإقتصادي من بيع النفط. وبالتالي سيشكل الهدر في استهلاك الطاقة والاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية تهديدا حقيقيا لأمن صادرات المملكة النفطية ومكانتها العالمية كمنتج ومزود موثوق للنفط عالميا.
حلول لوقف الهدر:
إرتأ صناع القرار و المختصين في سياسات الطاقة وبدعم من الإرادة السياسية في المملكة، بضرورة إحداث تغيير إستراتيجي بتنويع سلة مصادر الطاقة بهدف التخفيف من الضغط على مصادر الوقود الأحفوري و ضرورة البدء في سياسات بديلة لتغيير أنماط استهلاك الطاقة في المجتمع ورفع كفاءة الاقتصاد السعودي. وهذا يجعل واضعي السياسات والتشريعات في المملكة أمام جملة من التحديات التشريعية و التنظيمية، لتحقيق هدف كبح معدلات النمو في الاستهلاك المحلي من خلال حزمة من السياسات. مثال على ذلك السياسات السعرية التي تستهدف رفع الدعم تدريجيا على منتجات الطاقة و السياسات غير السعرية مثل مبادرات كفاءة الطاقة و الطاقة المتجددة والبديلة. وبالفل بدأت المملكة العربية السعودية من خلال مركز كفاءة الطاقة و بالتعاون مع عدد من الأجهزة الحكومية مثل وزارة التجارو و الصناعة و هيئة المواصفات و المقاييس و غيرها، بالعمل على رفع كفاءة استهلاك الطاقة الكهربائية للأجهزة المنزلية و السيارات و المصانع (قصر الاستيراد على المعدات و الأجهزة و السيارات ذات الكفاءة العالية)، وفرض قانون العزل الحراري في المنازل و اعتماد كود البناء الأخضر، وكذلك مؤخرا تم رفع تسعيرة التعرفة الكهربائية للمستفيدين من الخدمة و أيضا زيادة أسعار المحروقات تدريجيا بإعتبار ذلك أحد الحلول الناجعة لوقف الهدر الغير مبرر في مورد المملكة الأقتصادي من النفط. و من ناحية أخرى إيجاد البدائل من الطاقة المساندة لمصادر الوقود الأحفوري من مصادر الطاقة المتجددة بأنواعها المتعددة مثل: الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و طاقة حرارة جوف الأرض و طاقة الكتلة الحيوية و الطاقة المولدة من تحويل النفايات و الطاقة النووية.
ويجدر بنا القول بأن اعتماد مصادر مساندة للنفط والغاز -في المملكة- ليس بخيار الرفاهية، بل هو حماية إلى حجم الإمدادات النفطية في المملكة و العائد الاقتصادي من مبيعات النفط عالميا. و هدف الترشيد في الأستهلاك هو بالفعل فرصة ذهبية للمملكة حيث تتيح لها حفظ موارد الطاقة عن طريق تقليل الأعتماد على النفط في إنتاج الكهرباء. وبالتالي الحفاظ على مكانة المملكة عالميا كشريك رئيسي في نمو الاقتصاد العالمي من خلال تأمين اللازم من الطلب العالمي على النفط بإستمرار وبموثوقية عالية.
أمان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال