الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في الأعوام الأخيرة اعتدنا بأن تطالعنا وسائل الإعلام العربية والعالمية أول أيام كل سنة على احتفالات دبي الخيالية في اليوم السابق والصور المرافقة لتلك الاحتفالات. هذا العام كان الوضع مختلفا وكان من الممكن أن نقرأ أخبار كارثة كبيرة لا قدر الله. حشود بشرية كبيرة مجتمعة في مكان ضيق. الشوارع المحيطة مغلقة للحفاظ على النظام. ساعات قليلة قبل بدء الاحتفال يندلع حريق هائل في فندق عملاق ملاصق للمكان. في وقت قياسي تعلن السلطات المعنية في دبي السيطرة على الموقف بدون ضحايا وتقرر المضي في الاحتفالات المقررة. أكاد أجزم أن بعض وسائل الإعلام بدأت تحضر لتقارير عن الكارثة التي لم تقع. بعدها تغيرت التقارير لتصف بانبهار قدرة دبي على السيطرة على الوضع وتفادي الكارثة بالإضافة إلى الإشادة بالإمارة. كل ما سبق حصل والسلطات في دبي في قمة هدوئها تتعامل مع الموقف باحترافية عودتنا عليها.
من يعرف دبي جيدا ويتابع أسلوب العمل المتبع فيها يعلم جيدا أن ما حصل لم يكن صدفة. قلنا مرارا أن نجاح دبي الأساسي ليس في المباني والمشروعات بل هو في صنع عقلية تلتزم بالتميز ومنظومة عمل تخطط وتنفذ وفق رؤية استراتيجية بعيدة كل البعد عن العشوائية. يمكن لمن يتابع عن بعد ولا يعرف التفاصيل أن يصف هذا الكلام بالمبالغة وينسب ما حدث ليلة رأس السنة للحظ أو الصدفة. لكن الموضوع أكبر من ذلك بكثير. ما حصل شيء طبيعي جدا في دبي.
تعمل حكومة دبي وفق رؤية استراتيجية يتم تحديثها باستمرار وهي معلنة وليست سرية. تأخذ الاستراتيجية في الاعتبار الأهداف العامة بعيدة المدى وتقوم كل الدوائر والهيئات بوضع الأهداف الخاصة بها تماشيا مع الاستراتيجية العامة. كل ذلك يتم وفق أفضل الممارسات العالمية التي تم تطبيقها وتطويرها عبر السنوات. منذ البداية كان هذا توجه القيادة في دبي. لذلك كان لا بد من بناء منظومة متكاملة تستطيع تحقيق الأهداف والتعامل مع المواقف المستجدة.
في السعي لتحقيق الأهداف يجب أن يكون هناك وسائل لقياسها ومتابعتها ثم العمل على وضع أهداف جديدة في طريق التميز. أن يقول الإنسان أنه يريد أن يصبح متميزا فقط تعتبر أمنية. بينما أن يقوم بوضع منظومة للتميز فإنه يملك رؤية يسعى لتنفيذها. ما حصل من فرق الإنقاذ ليلة رأس السنة كان لأن الهيئات المعنية من فرق الشرطة والدفاع المدني وغيرها مستعدة للتعامل مع الكوارث. نسمع ونقرأ دائما عن ورش عمل تقوم بها الهيئات الحكومية للتعامل مع الكوارث بالإضافة إلى تطبيق ممارسات جديدة كل فترة في نفس الاتجاه يتم تدريب العاملين عليها باستمرار. هل عرفتم الان ان تلك الأخبار لم تكن فقط للاستعراض؟
معظم قيادات الصف الأول والثاني في دوائر وهيئات دبي هم من أبناء البلد. اذا تابعنا تصريحاتهم الإعلامية سنجد أنهم يكثرون من استخدام مصطلحات مثل تميز و رؤية واستراتيجية وقياس الأداء. هذا لأنهم يعملون تحت استراتيجية واحدة وبأهداف مشتركة لا تعتمد على الأفراد فقط. ليس من قبيل الصدفة أن نرى التميز في مختلف المجالات والقطاعات. لو كان الأمر مرتبطا بمبادرات فردية لرأينا تبيانا كبيرا في المستوى لكن ما نراه متناسق ومتشابه تقريبا.
التميز في أي مجال رحلة طويلة وتعتمد على إمكانية صنع المنظومة وتغيير العقلية وهو ما يتحدث عنه دائما سمو الشيخ محمد بن راشد في أحاديثه وكتبه. القيادة لا تعني الإنجاز فقط بل توجيه مجموعات كبيرة لتحقيق أهداف مشتركة. عند اكتمال المنظومة التي تفكر استراتيجيا وتعمل وفق الرؤية المشتركة، يصبح تحقيق الانجازات والتميز أمرا متوقعا وليس استثناء.
أخيرا، كل من يعتبر في كلامي مبالغة أو عموميات، أطلب منه أن يقرأ كتب الشيخ محمد بن راشد ويتابع في الأعلام طريقة العمل في دبي ثم يقارن اذا كان يجد كل ذلك على أرض الواقع أم لا.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال