3666 144 055
[email protected]
لاشك أن المتابع للتطورات الاقتصادية في العالم، سيلحظ توجهاً عالميا متزايداً ومتسارعاً نحو خصخصة شركات القطاع العام الخدماتية؛ وهو توجه لجأت إليه معظم الدول في مطلع الألفية الثالثة، من أجل التصدي لكل التحديات الصعبة التي يواجهها اقتصادها بشكل خاص، والاقتصاد العالمي بشكل عام.
إذ أن ما تعرضت له دول العالم من هزات اقتصادية وعقبات، وتضخم في الاستهلاك وعدد السكان، شكّل عائقاً جدياً أمامها، صعّب عليها الوصول – ولو إلى الحد الأدنى- للمستوى الخدمي الذي تتطلع إلى تحقيقه، في المجال الخدمي العام.
ولأن الطيران المدني، يشكل أحد أهم المرافق العامة في أي دولة؛ حيث يعكس في تميزه، وتطوره، وحداثته؛ ما وصلت إليه هذه الدولة من رقي في أدائها الخدماتي، ورؤيتها لهذا القطاع؛ ولأن سيرة الشركات العامة المتعثرة مالياً، انعكست سلباً على هذا القطاع؛ بحيث افتقر إلى التطوير اللازم في الخدمات، وافتقد التنظيم الواجب توفره في ادارة وصيانة المطارات؛ كان لابد من التفكير الحكومي الجدي في خصخصة هذا الطيران، بغية رفع مستوى خدماته، وجعله أكثر حداثة، وأكثر جاذبية، وأكثر مرونة وعطاء.
من هذا المنطلق، أعلنت هيئة الطيران المدني السعودي عن برنامجها لخصخصة مطارات المملكة الدولية والاقليمية، والداخلية، وفق برنامج زمني يبدأ من الربع الأول للعام 2016 وينتهيعام 2020 حين تكتمل خصخصة قطاع الطيران بكافة مطاراته.
ولعل الخصخصة، هي أحد الحلول الناجعة، الهادفة إلى النهوض بقطاع الطيران المدني السعودي، فحين يُعهد بهذا القطاع، الى شركات خاصة مستقلة، تتنافس فيما بينها على إدارته وفق افضل المعايير الدولية، وتجتهد لتحقق له قدرة على الاستمرار والنمو المالي المطلوب؛ فإن ذلك سيرفع مستوى الخدمات في قطاع الطيران المدني، ويحقق له الاستقلالية المالية، مما يساهم بدوره في جعله أكثر تطوراً وأكثر تلبية للاحتياجات من حيث الأداء.
ولابد من الإشارة هنا، إلى أن مناهضي فكرة الخصخصة، يرتكزون في رفضهم على نقطة محورية، تكمن في الخشية من أن تغالي شركات القطاع الخاص في أرباحها، مما يحد من القدرة الشرائية للأفراد، ويحجم من الفائدة الاقتصادية المرجوة للخصخصة؛ وهذه الخشية مشروعة، لكن يمكن تجاوز أسبابها بسهولة، حين يحرص القطاع الحكومي، على أن تتضمن اتفاقياته مع شركات القطاع الخاص، بنوداً تحدد هامشاً معقولا للربح، وتكون بمثابة رقيب حقيقي، يمنع تلك الشركات من المغالاة في جني الارباح على حساب الافراد.
بين هذا وذاك، تبقى التجربة هي الدليل الاقوى على نجاح أو فشل الخصخصة في هذا القطاع؛ لأن نجاح التجربة يعني أننا وقفنا على الحل الأمثل الواجب تطبيقه على كافة القطاعات الحكومية، بغية تحويلها إلى قطاعات خاصة أكثر قدرة على العطاء، وأكثر رقياً وشمولية في الأداء، عبر الاستثمار في المرافق العامة؛ فهذه المرافق هي نشاط لا غنى عنه لتحقيق التضامن الاجتماعي وتطويره، و هو أمر لا يمكن تحقيقه على أكمل وجه، إلا عن طريق التعاون الفاعل بين القطاعين العام والخاص، وبإشراف من السلطة العامة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734