الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الوقف منهج ديني اجتماعي اقتصادي متكامل، تميزت به الشريعة الإسلامية و أختصت به تشريعا و تنظيما، و حثت عليه بابا من أبواب الخير، و موجبا للمثوبة. مر الوقف ، عبر التاريخ الإسلامي، بمراحل من التجديد و الابتكار تماشيا مع المتغيرات الاقتصادية و المجتمعية ، فتعددت فيها أشكاله و أغراضه و تطورت فيها القوانين المنظمة له . و الحقيقة أن الوقف بمفهومه الاجتماعي و التنموي و الاقتصادي أبعد ما يكون عن الجمود، حتى قيل أن المسألة الوحيدة في الوقف التي أجمع عليها الفقهاء هي كونه قربة لله تعالى، تاركين المجال واسعاً أمام الاجتهاد و التجديد في الوقف شرطا و أنظمة و قوانينا. و أرى أن موافقة مجلس الوزراء الموقر على إنشاء الهيئة العامة للأوقاف هو تطورطبيعي لمفهوم الوقف، و إيذان بمرحلة جديدة زاهرة للأوقاف في المملكة العربية السعودية، يعزز فيها دورها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية وفقا لمقاصد الشريعة. أرى أن أهم خطوة على طريق هيكلة وتنظيم قطاع الأوقاف في المملكة العربية السعودية هي إحصاء وحصر عددها، و قيمها، وعوائدها، و كفاءتها التشغيلية و الإدارية. و رسم استراتيجية تتكامل فيها الهيئة العامة للأوقاف مع باقي الهيئات والصناديق الحكومية في تقديم خدمات مشتركة للمستفيدين من برامجهم، و إدراج ذلك التكامل على منصة برنامج التحول الوطني. إن أبرز تحد واجه الأوقاف عموما و حال دون تنميتها هو التمويل، و هو أحد أهم الأسباب التي عقدت مشكلة الأوقاف المعطلة، تلك الأوقاف التي تمثل في مجموعها رأس مال مجتمعي لم يحقق الأغراض التي وقف من أجلها. إن الوقف درة في عقد الاقتصاد الإسلامي، تمويل تنميته يتطلب منتجات تمويليه شرعية ، خاصة ، لا تنقطع معها العوائد على الموقوف عليهم. و هنا تلوح فرصة وجيهة للتكامل بين الهيئة العامة للأوقاف مع مؤسسة النقد العربي السعودي و هيئة السوق المالية اللذان يؤمل منهما حث المؤسسات المالية المختلفة على تطوير منتجات تمويلية شرعية خاصة للأوقاف ، بجميع أنواعها. و قد سبق أن وقفت على أوقاف معطلة ، و أخرى غير مستغلة بكفاءة ، نتيجة إحجام البنوك عن تمويلها نظرا للمخاطر المرتبطة بعدم رهن أو إفراغ الوقف مقابل التمويل. و هو أمر قد يكون حله في ضمان الهيئة العامة للأوقاف لتمويل تطوير و تنمية الأوقاف المشرفة عليها. كما أن في إصدار صكوك لتمويل الأوقاف حلا لهذه المعضلة التمويلية. و أعتقد أن شركات التأمين و برامج الأدخار المحلية و الإقليمية تتشوف لمثل هذه المنتجات التي تتناسب في مخاطرها و استحقاقاتها مع الحاجة الاستثمارية لهم. كما يمكن استخدام إصدارات صكوك تمويل الأوقاف وحدات استثمارية وسيطة لمرابحات القروض الاستهلاكية بدلا من إستخدام الأسهم ، التي في استخدامها سلعة وسيطة أثر سلبي بين على السوق بخلق تداولات غير حقيقية، و على المقترض بتحمله مخاطر إنخفاض سعر السهم. و سأناقش – بحول الله تعالى – في مقالات متتابعة فرص و وجاهة و آليات تكامل الهيئة العامة للأوقاف مع باقي الهيئات و الصناديق الحكومية ، كهيئة المدن الصناعية، و صندوق التنمية الصناعي، و هيئة توليد الوظائف ، وهيئة المنشات الصغيرة و المتوسطة. النمري
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال