الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خاض وزير العمل يوم الثلاثاء الماضي امتحان عسير أمام مجلس الشورى. وهذا أمر إيجابي. فالوزراء في كل أنحاء العالم هذا هو حالهم مع الهيئات التشريعية عندما تكون الاجندة التي يحملونها معهم حساسة للبلد.
وبصراحة فإن من الصعب أن نرمي على الوزير الجديد كل المسؤولية. فسوق العمل ومشاكلها لدينا متراكمة ومتقاطعة منذ سنين. بل إن الكثير مما تعاني منه هذه السوق قد لا يخص وزارة العمل وحدها. فسوق العمل مثلها أي سوق تخضع للعرض والطلب. فنحن كبشر مقدرتنا على العمل يحددها العلم الذي تلقيناه في تخصص معين وكذلك الخبرة التي اكتسبناها عن طريق الممارسة. ولذلك فإن وزارة التعليم والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني يفترض أن يجيبا عن الأسباب التي تؤدي إلى عدم قبولي الخريجين السعوديين لدى الشركات. في حين يحظى خريجي البلدان الأخرى هذا الاستحسان الذي نراه.
إذاً فنحن حتى نحل البطالة نحتاج ليس فقط إلى وزارة عمل نشيطة وإنما إلى وزارة تعليم حريصة على أن تكون مناهج التعليم والتخصصات مطابقة لاحتياجات الاقتصاد. والأمر ليس على تلك الدرجة من الصعوبة. فهؤلاء ال 9 ملايين أجنبي الذين أشار إليهم معالي وزير العمل يمكن أن نعرف تخصصاتهم بسهولة وأن نعمل على إعادة تأهيل ورفع مستوى دور التعليم والتدريب لدينا حتى تخرج 9 ملايين مثلهم وأكثر.
وهذا ليس دفاعاً عن وزارة العمل. فهذه الوزارة منذ طرح نطاقات عام 2011 لم يتأت لها معالجة سوق العمل بشكل جذري. والسبب يعود إلى أن نطاقات وما تبعها كانت حلولا على المدى القصير وليست طويلة الأمد. فهذه البرامج جاءت في ظل تطورات معينة واختلال واضح للتوازنات في سوق العمل جراء عدة عوامل منها انخفاض توظيف السعوديين في القطاع الخاص. وقد كان الجميع يعلم أن عدم اقبال قطاع الأعمال على توظيف السعوديين هو نتيجة لعدة أسباب أهمها عدم مواءمة مخرجات التعليم لمتطلبات العمل وضعف الانضباط والتسيب اللذان يفترض أن يتلقى التلاميذ تطعيما ضدهما في البيت أو على الأقل في السنوات الأولى من الدراسة.
ولكن الحلول الجذرية تحتاج إلى وقت في فترة كان الزمن يجري فيه بسرعة. ولهذا فقد تم البدء بأصحاب الأعمال لأنهم الطرف الأضعف في المعادلة. ولكن نحن الآن ليس في عام 2011 وإنما في 2016. ولذلك فإن وزارة العمل كان يفترض أن تساءل من قبل مجلس الشورى عن الإجراءات التي اتخذتها مع غيرها من الوزارات مثل التعليم والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني لإعادة التوازن إلى سوق العمل. فهذا التوجه كان واضحا خلال اللقاءات التي أجراها وزير العمل السابق عام 2011. ولذا فإنه بعد مرور كل تلك السنوات كان يجب التقليل من الاعتماد على الحلول القسرية قصيرة المدى والانتقال تدريجياً باتجاه العلاج طويل الأمد. وهذا يعني من ضمن ما يعني تخفيف الضغوطات على القطاع الخاص لكي يرفع معدلات نموه ويمتص البطالة التي تجاوزت 11%.
من ناحية أخرى فإن مجلس الشورى قبل أن يسائل الوزير ويطلب منه ترك منصبه يفترض أن يسأل نفسه عن التشريعات التي وضعها خلال هذه السنوات الطويلة من عمله من أجل إعادة التوازن للاقتصاد وسوق العمل.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال