الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شركة النفط والزيت السعودية أرامكو أحد أهم وأكثر الشركات حساسية باعتبار أنها الشركة الوحيدة ذات امتياز استخراج والتنقيب عن النفط في المملكة، وهي مصدر موارد الدولة النفطية وإحدى أضخم الشركات إن لم تكن الشركة الأضخم عالميا، وقد تطورت شركة أرامكو بعد أن كانت شراكة بين حكومة المملكة والشركات الأمريكية إلى أن تحولت بالكامل إلى شركة سعودية، لم تتميز شركة أرامكو فقط بإمكاناتها في استخراج النفط والتكرير وأنها علامة تجارية مميزة في قطاع الطاقة بل أصبحت شركة ذات سمعة مميزة في الوسط المحلي باعتبار أنها توظف الكفاءات الأفضل في المملكة وتطور من إمكاناتهم ولديها قدرة في تطوير وصقل قدراتهم ومهاراتهم لأداء مهامهم بصورة مميزة، إضافة إلى قدرتها على استقطاب واستبقاء الكفاءات المميزة بما لديها من حوافز تشجع الأفراد على التميز وأن يعيشوا بنوع من الرضا والارتياح بعيدا عن نمط الحياة والمعيشة التي اعتادوا عليها قبل التحاقهم بالعمل فيها.
على المستوى المحلي شركة أرامكو اكتسبت سمعة مميزة في أي مشاركة لها في نشاط اقتصادي أو اجتماعي، فالمشاريع الإنشائية التي تقوم بها شركة أرامكو أصبحت مشاريع مميزة، وقد اعتمدت عليها الحكومة في إنشاء مجموعة من المشاريع والإشراف عليها، كما أن المدارس التي تشرف عليها شركة أرامكو مميزة في المملكة، ومن هنا أصبحت الشركة ودون منازع الأفضل في جوانب متعددة على المستوى المحلي واكتسبت ثقة المجتمع.
منذ أن أعلن ولي ولي العهد عن أنه من الممكن طرح شركة أرامكو للاكتتاب العام كشركة يمكن أن تتداول في السوق وتكتتب بها مؤسسات عالمية ومحلية ويكون متاحا التملك فيها للأفراد كان الخبر أشبه بالمفاجأة غير المتوقعة حتى مع إعلان الخطة الحكومية الشاملة للإصلاح الاقتصادي، التي بدأب بها بدءا من الميزانية الحالية والتي ستعمل على تنويع مصادر الدخل وتشجيع مساهمة القطاع الخاص بصورة أكبر في الناتج المحلي، إضافة إلى إعادة النظر في الدعم الحكومي الذي أصبح يثقل كاهل ميزانية الدولة ويستفيد منه شريحة كبيرة غير مقصودة بالدعم، إضافة إلى أهمية تشجيع الترشيد في استخدام الموارد كالمياه والطاقة بصورة تجعل استدامة توفرها بما يحقق حالة تلبية احتياج المجتمع مع استمرار النمو في عدد أفراده.
لا شك أن إعلان الاكتتاب في “أرامكو” كان خبرا مفاجئا ومن المؤكد أن يكون في ذلك تباين في وجهات النظر لدى كثير من الاقتصاديين السعوديين باعتبار أن هذه الشركة ليست مثل الشركات الأخرى ولا يمكن مقارنتها حتى بشركة مثل سابك، فلقد كان تحولها لأن تكون شركة سعودية بالكامل في حد ذاته تحولا كبيرا استفادت منه المملكة، وبعد ذلك أصبحت تتمتع بامتيازات تفوق فيها أي مؤسسة أخرى حكومية باعتبار أنها سبب في مصدر الثروة التي تتمتع بها المملكة، وقد يرى البعض أن مثل هذا الإجراء سيمكن جهات غير حكومية سواء كانوا مستثمرين محليين أو دوليين من أن يغيروا في سياسة وظروف هذه الشركة الوطنية، وأن تكون الموارد قابلة للمشاركة، مع العلم أن تحولها إلى ملكية سعودية بالكامل كان من الأمور التي عززت من إمكانات الاستفادة الحكومية من الشركة وأن تكون شركة عالمية بمواصفات محلية.
لكن من المبكر جدا الحكم بما سبق باعتبار أن الشركة لم تعلن رسميا عن الاكتتاب وتفاصيله والشخصيات التنفيذية التي لها علاقة بالشركة تتحدث عن أن هناك عملا لوضع أطر قانونية للشركة تمنع من أي احتمال أن يكون الاكتتاب في الشركة يمثل ملكية بموارد المملكة الطبيعية، وإنما في وحدات محددة تتعلق بالتكرير أو أنشطة أخرى للشركة باعتبار أن أنشطتها كثيرة وتتوسع فيها بصورة كبيرة حاليا.
لا بد أن نعلم أن طرح الشركة للاكتتاب لا يعني تنازل الحكومة عن كامل نصيبها في الشركة فتجربة المملكة في الشركات التي تقدم خدمات وصناعات يمكن أن توصف بأنها استراتيجية تحتفظ الحكومة بالنسبة الأكبر من الملكية لضمان أن إدارة الشركة لا يمكن أن تكون وفق مصالح لأفراد أو كيانات، ولذلك لا يمكن أن ينظر إلى الأمر على أنه مصدر قلق لمستقبل قطاع استخراج النفط، بل قد يكون هذا أحد أهم الحوافز لتوسع الشركة وأن يكون لها نفوذ أكبر حول العالم مثل شركات النفط الأخرى. طرح الشركة للاكتتاب قد تكون له نتائج إيجابية كثيرة منها استقطاب المزيد من الأموال للسوق السعودية وهذا قد يعزز أنشطة مالية كثيرة في السوق ويشجع من طرح أدوات وبرامج اقتصادية في السوق، واليوم في ظل المنافسة المحمومة في العالم لاستقطاب رؤوس الأموال نجد أن طرح شركات جيدة في السوق سيكون له أثر إيجابي في هذا الإطار، يبقى أنه من المبكر الحكم على هذا الإجراء الحكومي، ومن المهم أن يركز فكر الاقتصاديين والقانونيين السعوديين على الإطار الأفضل لطرح الشركة بما ينفع الوطن ويحفظ امتيازه بثرواته الطبيعية.
فالخلاصة أن طرح وحدات من شركة أرامكو للاكتتاب قد يكون له أثر إيجابي في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق السعودية إضافة إلى مزيد من الشفافية في قوائم الشركة المالية وأنشطتها توسعها، والقلق من أن تتحول ثروات المملكة إلى ملكية أو سلطة أطراف من غير الحكومة يمكن ضبطها من خلال الأنظمة التي يمكن أن تتضمنها إجراءات طرح الشركة للاكتتاب.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال