الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
باحث في مجال الأعمال
alolayana@
تتنوع برامج تطوير الذات وتتعدد مسمياتها، وأسباب انتشارها، وهي بمجملها تدعو للتحسين المستمر والتطوير الدؤوب للعادات والمعتقدات والنفسيات وغيرها من الجوانب الشخصية. لا يدّقق كثير من الناس بحجم قطاع سوق تطوير الذات التجاري ربما لانبهار العقل بالوعود والأمنيات التي ستحققها هذه البرامج. بداية أحب أن أوضح بأن حجم سوق تطوير الذات يزيد عن ١٠ مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وهو سوق متنامي بالمنطقة العربية وبالسعودية على شكل الخصوص. لاشك أن هذا الرقم يعكس الاقبال الكبير لدى الناس لتغيير واقعهم وتحسين أوضاعهم، وأعتقد أن هناك من استفاد من هذه الدورات لتحسين أحوالهم، لكني سأناقش بعض الحقائق التى قد تكون غائبة عن المستفيد النهائي.
أولاّ: سوق تطوير الذات هو سوق تجاري الهدف الأساسي منه هو الربح. عناوين مثل “الابداع في القيادة”، “كيف تقسطر ذاتك؟”، “دّلل نفسك”، “اطلق العملاق”، هي لا تختلف عن “سينكرز-أنت مش أنت وأنت جيعان”، أو ” مع تايد في الغسيل مفيش مستحيل”، أو حتى “ريد بول بيعطيك جوانح”.
ثانياّ: وحتى يتزايد ويتعاظم الربح، فإن اعلانات برامج وكتب ودورات تطوير الذات هي عادة تتركز حول وعود بتحقيق الثروة والاستقلال المالي، الاستقرار النفسي والعائلي، التخلص من القلق والاكتئاب، التحكم بموجات الدماغ، أو حتى تحسين السلوك وتخفيف الوزن. ميزة هذه الوعود بأنها رغبات وطموح وتطلعات لكل الناس، ولذلك فمن السهل أن يتم صيد المستهلك بهذه الوعود. قد يستفيد الجيعان من سينكرز ويسّد جوعه، وقد تتنظف الملابس مع استخدام مسحوق الغسيل، لكن احتمال أن تتحقق وعود دورات تطوير الذات غالباّ لا تزيد عن احتمال أن تطير بجوانح ريد بول.
ثالثاّ: كثير من يعمل بسوق تطوير الذات هم أشخاص غير مؤهلين، ولا من أصحاب الانجازات العلمية أو الأدبية، أو الاجتماعية، أو حتى التجارية. هم في الغالب أناس يبحثون عن مصدر دخل، وأفضل شئ لديهم يبيعونه هو الكلام والتهريج أحياناّ. لذلك تجد أن كثير من الخرافات والخزعبلات تنتشر عن طريقهم. أصحاب الانجازات الحقيقية مشغولون في معاملهم ومكاتبهم وفي محلاتهم ومصانعهم، ومن لم يحسن أي صنعة توجه للسوق ليصبح مدرب لتطوير الذات.
رابعاّ: من الممكن الحصول على كثير من التحسين والتطوير الذي يسعى له الأفراد من خلال بعض الجهد الشخصي. فالانترنت اليوم يزخر بالكثير من المواد المجانية التى تعطي الفرد أدوات ومفاتيح تطوير نفسه. يبقي الجهد الأكبر على الشخص وطموحه وقدرته على تغيير عاداته وسلوكياته، وعلاقاته.
وأخيراّ: إذا كنت تنوي شراء برنامج لتطوير الذات فأضعف الإيمان أن تتحقق من أن المدرب مؤهل بشهادات موثقة في نفس المجال، ولا تنس أن تخفض سقف توقعاتك وطموحاتك وأنت ذاهب للبرنامج.
العليان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال