الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ناقشت في المقال الأول من هذه السلسلة ضرورة رسم استراتيجية تتكامل فيها الهيئة العامة للأوقاف مع باقي الهيئات والصناديق الحكومية في تقديم خدمات مشتركة للمستفيدين من برامجها، وذكرت أن إحصاء أعيان الأوقاف في المملكة العربية السعودية، و ما يتعلق بها من مؤشرات تشغيلية، و إقتصادية ، هو أهم خطوة على طريق هيكلة و تنظيم قطاع الأوقاف الذي أشارت بعض الدراسات إلى أن حجمه يزيد عن 500 مليار ريال سعودي. رابط المقال هنا للأوقاف أثر بين على الاقتصاد بشقيه ، الكلي والجزئي ، وتفريعاتهما، نتيجة تحويل أموال الواقفين – ابتداء – وإيرادات الأوقاف إلى أصول منتجة، فتساهم الأوقاف في تخفيض نسب البطالة، بتوليدها لوظائف بمختلف الدرجات في المشاريع والاستثمارات الوقفية المباشرة، أو في القطاعات الخدمية التي تنشأ لخدمة المشاريع الوقفية. كما أن مصارف الأوقاف – أي توزيعها على المستحقين لها – تنمي الطلب على السلع والخدمات، وتنشط الحركة الاستثمارية و التجارية. و مما تجدر الإشارة إليه أن تنمية الأوقاف الزراعية خطوة عملية على طريق تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع. في غياب – غير مبرر – لإحصائيات الأوقاف بعامة و الزراعية بخاصة ، إضطررت إلى اللجوء للإحصاءات الزراعية الصادرة عن مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات ، لتشكيل تصور عام عن بعض المؤشرات الاقتصادية الزراعية في المملكة العربية السعودية، التي أستطيع أن أقول – بعد تحليل بعضها – إن من بين معدلاتها ما كانت وتيرة نموه مفاجئة لي ، و أرى أن مساهمة الهيئة العامة للأوقاف في تنمية و تطوير الأوقاف الزراعية سيعزز من نمو مؤشرات الأداء الإقتصادي الزراعي ، و مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي. ورد في تقرير تقدير المساحة و الانتاج للمحاصيل الزراعية في المملكة في عام 2013 م الصادر عن مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات، أن المساحة الزراعية بلغت حوالي 7 مليون متر مربع، و أنتجت 9 مليار طن من الحبوب و الخضروات و الأعلاف و الفواكه ، بمعدل نمو 3.8% منذ سنة العام 2009 م . وفيما يخص تمويل الاستثمارات و المشاريع الزراعية ، قدم صندوق التنمية الزراعية في عام 1436للهجرة قروضا بحوالي 726 مليون ريال ، بمعدل نمو سنوي بلغ حوالي 37% منذ عام 1432 للهجرة، و شكلت القروض طويلة الأجل ما نسبته 98% من مجموعها . كما بلغ عدد المنشات العاملة في نشاط الزراعة و الانتاج الحيواني و الصيد و الخدمات المتصله بها 79،646 منشأة، 94% منها منشآت يعمل بها أقل من 5 مشتغلين ، بمجموع 146 ألف مشتغل. أقول : إن تكامل الهيئة العامة للأوقاف مع صندوق التنمية الزراعي، و الهيئة العامة للمنشآت المتوسطة و الصغيرة سيسهم بلا شك في تطوير الأوقاف الزراعية ، و في تحقيق الهيئات الثلاث لمؤشرات أداء مرضية. و آلية هذا التكامل أن توفر الهيئة العامة للأوقاف فرصا استثمارية لأوقاف زراعية، بعقود مزراعة أو إيجار أو غيرها، و تؤهل فيه الهيئة العامة للمؤسسات المتوسطة و الصغيرة مؤسسات و شركات زراعية متوسطة و صغيرة و رواد أعمال، و يغلق دائرة التكامل هذه صندوق التنمية الزراعية بتمويله لاستثماراتهم الرأسمالية و التشغيلية. نصت المادة الخامسة من نظام الهيئة العامة للأوقاف على دورها في الدعوة إلى الوقف و تسهيل إجراءاته ، و تطوير الصيغ الوقفية القائمة. و أعتقد أن الدعوة لأوقاف زراعية في دول مختلفة ، إشتهرت بالزراعة و اتسمت بالاستقرار السياسي و الاقتصادي، هي دعوة لها وجاهتها في سبيل تحقيق الأمن الغذائي. كما أرى أن هناك مجالا لتكامل الهيئة العامة للأوقاف مع صندوق الاستثمارات العامة ممثلا في الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) ، التي تهدف إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال الدخول في استثمارات مربحة في مختلف دول العالم. إن تنمية الأوقاف الزراعية و دعمها ، و النهوض بها، من شأنه النهوض بصناعات مرافقة ، كالصناعات الغذائية، و التعبئة و التغليف، و التخزين والنقل و غير ذلك، و هو ما سأفرده في مقال قادم – بإذن الله – عن دور الأوقاف في دعم الصناعة ، و تكامل الهيئة العامة للأوقاف مع باقي الصناديق و الهيئات الحكومية الصناعية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال