الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الشعور بالمسئولية شعور قل من يمتلكه بصدق و من يحمله باهتمام و من يتبناه بعمق. القدوة الحسنة الشفافية النزاهة المصداقية قيم عزيزة وغايات نبيلة تحتاج الى نفوس كبيرة تتحمل تكاليف العزم لتصل الى تلك العزائم. “سعفة” مؤسسة مجتمع مدني هدفت الى تعزيز قيم الشفافية ومتطلبات القدوة الحسنة فأسست جائزة تشجيعية تتقدم اليها المؤسسات الخاصة والعامة طالبة الفوز بجائزة الشفافية والقدوة الحسنة. شعور جميل الكل ينشده حين توصف بالقدوة الحسنة حين تحصل على جائزة النزاهة والشفافية. تحرص المؤسسة على تفعيل دور الجائزة الايجابي ودورها ايضا الاستشاري في تعزيز تلك القيم بدراسات فاعلة ولجان مستقلة ترجوا ان تكون نزيهة في تقييمها ورؤاها.
أعرف ان الكثير غير مطلع على هذه المؤسسة او جائزتها او انه قد سمع عنها بشكل مقتضب وعد ذلك ضعف وعدم اهمية لما تقوم به فهنا قد نتفق في جانب ونختلف في جانب آخر. بما أن المؤسسة عنيت بمجال تعزيز القيم النبيلة وتأسيس قدوات حسنة في مجال الأعمال فغايتها انبل من الهدف الاعلامي. العلم بما تقوم به ضرورة لكن لا يجب ان يكون هدف. اخشى من أن يحول شديد الاهتمام بالاعلام تلك المؤسسة الى ان تكون فاعلة على السطح الاعلامي غائبة عن الواقع العملي والتأثير به. على الإعلام وخصوصا المتخصص ان ينقل دور تلك المؤسسة بصدق فلا أظنها مؤسسة قامت من اجل المدح المزيف او الحصول على تقدير لما لم تعمل. لذا على المؤسسة ان تؤسس لنفسها مكانا من خلال جودة أعمالها لتكون جائزة الشفافية يوما ما مقياسا ومؤشرا هاما يناله الفائز ويفنى من أجله الاخرون فيطورون من منظماتهم واعمالهم واجراءاتهم أملا بالحصول يوما ما على ذلك الشرف. ولن تصل المؤسسة لذلك الهدف من خلال صفحات الاعلام وصوره بل من خلال وضوح المعايير والأهداف ونزاهة التقييم والتطبيق.
فهذه السعفة سيكون لها دور فاعل بإذن الله تعالى في تطوير النظم الادارية والمحاسبية داخل منظماتنا متى ما شُعِرَ بأهمية ما تقوم به وتقدمه من وعي وتحفيز. لابد ان يكون مجسم سعفة للفائز هدفا لمؤسسات الاعمال (خاصها وايضا عامها) لأن من سيحصل عليه لابد ان يتفاعل مع الانظمة والمعايير ليكون شفافا نزيها وبهذا نكون جسمنا القيم التي يدعيها الجميع. مراقبة السلوكيات ومحاولة تعزيزها بالأنظمة امر نحرص عليه جميعا ولكن حين تكون القيم مكان للمنافسة سيكون هناك بعض الانحرافات أملا بالحصول على القيم من خلال اللاقيم لكن سيضل ذلك غير مؤثر ومحدود الحدوث متى ما كانت معايير التقييم والتحفييز رفيعة وعميقة وقوية ونبيلة الهدف. لازالت تلك السعفة في البداية ولكن عليها ان تفكر بالمستقبل فمتى ما اكتسبت الثقة هل ستكون عندها قادرة على الاستمرار ؟ ام ان حجم الضغوطات حين يكون اكبر سيُخِرج السعفة من نخلة الاحسان والاتقان والنزاهة والقيم الى حاوية الاهمال والبقايا والمهملات. الآمال كبيرة حين ننظر الى الرغبة الظاهرة على وجه اعضاء مجلس الادارة على تقبلهم النقد والمقترحات (خلال حفل الجائزة الأخير) لكن يظل الأمر متوقف على التطبيق والواقع.
درة عمر كانت تهوي على كل مبتدع على كل مفسد او داعٍ لفساد حتى قال أحد السلف (كانت درة عمر رضي الله عنه أهيب في الصدور من سوطكم). درة عمر يجب ان تكون في معية هيئة مكافحة الفساد التي تملك الوجود القانوني والدعم الحكومي الظاهر فعليها ان تكون كما هي الآن عضدا لمثل هذه المؤسسات الهادفة لتعزيز قيم المجتمع فوجود الفساد مقنن الى حد معقول داخل المجتمعات المعززة للقيم السليمة. ولأننا بشر نقع تحت ضغوطات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والصحية فلابد لنا من محفزات و مقومات تحبسنا وتجعلنا ممسكين ومتمسكين باستمرار بقيم النزاهة والشفافية. تأسيس القدوات الحسنة يحتاج الى انظمة وعين رقابة قوية وفاعلة فمتى ما شعر الجميع بضعف الرقابة كلما سقط الجميع يوما ما تحت اي عامل ضاغط في مستنقعات الفساد ولكن سيتفاوت الجميع في مقدار السقوط تبعا لتفاوتهم في حجم ما يحملون من قيم ورقابة ذاتية. والجهات العاملة في مهمة الرقابة لا يجب ان تكون معفية من الرقابة والمراجعة على أعمالها.
سعفة تكافح الفساد ونزاهة تكافح الفساد تناغمهم وعملهم بشكل تكاملي سيدعم المشهد وان كان المشهد اعقد مما نصور او نحاول ان نتصور لكن لكل شيء بداية (والنار من مستصغر الشرر). متى ما اصبحت سعفة (نوبل الشفافية) سيكون لدينا العديد من القدوات الحسنة الذين ان لم يكتسبوا القدوة فطريا سيكتسبونها تعلما ووعيا بأهميتها. المشوار شاق وطويل لتحقيق ذلك الهدف النبيل وخصوصا لمؤسسة مثل سعفة وغيرها من المؤسسات المعززة للقيم فهي تقف امام مصالح البعض او احيانا تقف امام تيار حفر في الوسط طريقا اعتاده ومسلكا انشأه فليس سهلا التغيير ولكنه ليس مستحيلا. المؤشرات القياسية التي تصدر من منظمات مختلفة على مستوى العالم التي تعنى بالشفافية والنزاهة ومستوى الفساد تلقى ردود فعل ليست قوية لصعوبة قراءتها وفهمها لمختلف شرائح المجتمع لكن متى جسمت الشفافية في جائزة وحركت بضربات الدرة (العقوبات) كلما توقعنا واقعا افضل وردة فعل اقوى.
غالبا الفاسد لا يعتقد انه فاسد بل يعلن محاربته للفساد كما قال الله عز وجل (قالوا انما نحن مصلحون ) الأية 11 سورة البقرة. والسبب في ذلك بسيط وهو اننا جميعا جبلنا على محبة القيم النبيلة السليمة نختلف في بعضها لكننا نتفق في مجملها لذا الفساد (عدم النزاهة) لا يكون على سطح المسرح وانما خلف الكواليس فنحاول اخفاءة وعدم تبنية علانيةَ.وبهذا فالمؤسسة التي فازت اليوم بجائزة الشفافية لابد ان لا تعتقد انها امتكلت الشفافية ملكا ابديا بل هي تحملت حملاَ اضافياَ سيجعلها كما نالت الاحترام والتقدير تحت المجهر فاي هفوة من ناحية القيم ستكون ذات تأثير اكبر عليها من غيرها ممن لم يفز بذلك الشرف وينال تلك الشهادة. فسعفة تلطف الجو متى ما كانت في خضرتها ونظارتها وتكون ملوثة للبيئة متى أٌحرقت واشتعلت بها النيران.
تحتاج سعفة لاكمال دورها المحفز والداعم لبناء القدوات الحسنة ان تتفاعل مع المجتمع بمكوناته المختلفة مؤسسات اكاديمية وهيئات مهنية وجهات رقابية و ووسائل اعلام لتحجز لنفسها مكانا يجعلها قدوة حسنة على المستوى المحلي والاقليمي . لا يجب ان تكون لجان سعفة او مجالس ادارتها مبناها المعرفة بشكل أساس والكفاءة بشكل ثانوي ، او الكفاءة بشكل اساس والسلوك (القيم ) بشكل ثانوي مثل هذه المؤسسات تحتاج الى مجالس ادارة ولجان تحمل قيم تلك المؤسسة فقيم النزاهة والمصداقية والشفافية هي مبنى المؤسسة وكيانها الذي قامت من اجله وبه تبقى وتستمر وغيابه عن افرادها سيكون يوما ما غياب لها كمؤسسة بشكل كامل. التطلعات كبيرة والآمال معقودة ولكن كل ذلك محدده الأساس الأعمال التي ستكون هي الحكم للجميع مؤسسات اعمال ومجتمع بشكل كامل.
خاتمة: سعفة ترفرف ملطفة للاجواء ومنقية لها من غبار الفساد وعدم النزاهة لكن لن يكون ذلك باقلام الكتاب ولا بصفحات الاعلام وانما حين تكون فعلا حجزت لنفسها مكانا رفيعا تنادى للصعود له الجميع، فلكي تكون قدوة حسنة لابد ان تكون انت الفاعل اولا لما تنادي به من قيم ،حتى لا يقول البقية (يا أيها الرجل المعلم غيره ،، هلا لنفسك كان ذا التعليم).
النفيسة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال