3666 144 055
[email protected]
AhmedAllshehri@
عنوان مقال اليوم مقتبس من ندوة فضائية عبر قناة CNBC” عربية” كان لي شرف المشاركة فيها، حول تحرر دول الخليج من أسعار النفط؛ ولمحدودية الوقت لم أتمكن من طرح كل ما يدور في مُخيلتي؛ فأحببت اليوم أن أطرح الموضوع بطريقة أخرى بعيدا عن الأسئلة الموجهة.
حقق الاقتصاد العالمي نمو متصاعد منذ 50 سنة، باستثناء فترة الأزمة العالمية في عام 2009م، الاتجاه العالمي خلق طلب متزايد على النفط مما شجع كثير من الأموال الاستثمارية لتمويل مشاريع الحفر والتنقيب عن النفط وبجميع التقنيات والأساليب الممكنة، وكان ذلك مدفوع بالأسعار المرتفعة للبرميل الواحد والتي فاقت 100 دولار؛ مما أصاب السوق العالمي بتخمة؛ لهذا السبب والأسباب سياسية أخرى تداعت الأسعار لتصل إلى أقل من 30 دولار.
على أيه حال أؤكد لكم أن الأسعار ستعود ولكن هل يجب أن نبقى تحت رحمة تذبذبات أسعار النفط؟، سأبذل جهدي لطرح بعض المرتكزات التي تساعدنا للتحرر من قبضة الأسعار والاستفادة من نعمة النفط بطريقة اقتصادية فعالة.
دول الخليج تعاني من أزمة في جانب الثروة المالية، ولعل الكثير من غير المتخصصين في المجال الاقتصادي لا يفرقون بين الثروة المالية والثروة العينية، خلال السنوات الماضية ضخت دول الخليج الكثير من المشاريع في البنية التحتية وحولت تلك الأموال إلى ثروات عينية من طرق وجسور وشبكات نقل مواصلات واتصالات وكهرباء وشبكات مياه وجامعات ومستشفيات وأيضا ثروات بشرية متعلمة قادره على توليد المعرفة.
كل ذلك يطلق عليه ثروات عينية ولحسن الحظ أنها لا تتأثر بطريقة مباشرة للوضع الاقتصادي المالي العالمي وأيضا من خصائصها الاقتصادية غير قابلة للفقد بسرعة إلا بالتقادم إذا أهملت فقط، ألمانيا مثال للاقتصاد العيني الحقيقي لم تتأثر بالأزمة العالمية ويرجع ذلك أن القاعدة الصناعية التي تفوق الاستثمارات المالية حمت ألمانيا من تداعيات الأزمة العالمية.
المنطلق الحقيقي لدول الخليج للتحرر من أسعار النفط ، تفعيل دور الثروات العينية التي تم بناءها خلال العقود الماضية وتحويلها إلى منصات قادرة على تمويل الاقتصاد والتنمية وزيادة الاستثمار داخل دول الخليج من خلال أدوات الاستثمار المعروفة سواء بتمويل من الصناديق السيادية أو رؤوس الأموال الأجنبية والتي تحول الأموال إلى ثروات عينية في مجال التقنية والصناعات المتطورة وجعل النفط عامل جذب وعامل تحفيز للمستثمرين، على أن تباع المنتجات التي تفيض عن السوق المحلي الخليجي ولدول الجوار ودول العالم الثالث لأن الفرص ما زالت مواتية في الدول النامية المماثلة لنا ولا سيما في ظل التكتلات التجارية العابرة للقارات مثل TPP” الشراكة عبر المحيط الهادي” وغيرها من الشراكات التي قد تعزل تجارتنا عن العالم.
المرتكز الثاني تطوير الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية والقطاع الخاص وبناء معايير مشتركة للحكومة ولشركات القطاع الخاص على أن تصبح تلك المعايير بمثابة اللغة المشتركة في قياس الأداء المؤسسي الخليجي، الاتحاد الأوربي حقق نجاح مبهر في هذا الباب ويمكن الاستفادة من ذلك ومحاكاة تجربة المؤسسات الأوربية، لعل المرتكز الثاني بمثابة العمود الفقري لتطوير الفكر القيادي لمؤسسات الأعمال والحكومة.
المرتكز الثالث بناء تكامل اقتصادي وتحرير رؤوس الأموال بين دول الخليج وتحرير القوى العاملة وبناء مشاريع مشتركة ومشاريع متبادلة تكاملية وليست تنافسية وزيادة فتح الاستثمارات الخليجية في الدول الخليجية الجاذبة، على سبيل المثال: المملكة في اقتصاديات الحج والعمرة والصناعات العسكرية وعمان في اقتصاديات الصناعات الغذائية والبحرين ودبي في الاستثمارات المالية والرياضية والمؤتمرات وفي قطر الاستثمارات الريادية والتقنية ومكاتب دعم الأعمال وفي الكويت الاستثمارات في السفن.
المرتكز الرابع تكوين شبكات للأعمال الحكومية والأعمال الخاصة على سبيل المثال: تأسيس “شبكة المؤسسات الخليجية” لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق الاستفادة الأمثل وإيجاد الشركاء المناسبين في السوق الدولية وعمل جمعيات المهنية على المستوى المحلي لتقديم الحلول وتقديم المشورة على مستوى دول الخليج من خلال تلك الجمعيات المهنية، هذا المرتكز يمثل مفتاح النجاح لسرعة تبادل الأعمال وتكوين الأعمال بين دول الخليج.
من الظلم أن نقول أنّ دول الخليج لم تستفد من النفط، بل كانت بتكاليف عالية وهدر مالي كبير مما خلق ممارسات مؤسسية وفردية فاسدة أو غير مبالية؛ ولذلك أرى أنه قد حان الوقت لإعادة تعديل اقتصادياتها بشكل حقيقي بعيدا عن النفط وعن الإيرادات الضريبية، وعلينا التركيز على الاقتصاد الحقيقي الذي يرفع الدخل الحقيقي لأبناء دول الخليج ويجعل من دولنا رقم صعب اقتصادياً وسياسياً على مستوى العالم.
الشهري
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734