الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
الإصلاحات الاقتصادية حديث العالم اليوم ، وكل دولة أو منطقة اقتصادية لها مشاكلها الخاصة التي تسعى إلى حلها واصلاح اقتصادها . ونحن في المملكة كمعظم دول (أوبك) مشكلتنا في الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على عوائد تصدير سلعة أوليه (النفط) ، لذلك يظل الاقتصاد تحت رحمة تقلبات أسعار تلك السلعة صعودا ونزولا . وإن كنا قد استفدنا كثيرا في الماضي من المداخيل الضخمة للنفط ولازلنا نعيش نعيم تلك العوائد ، والبنية التحتية والتعليم أهم مكاسب تلك العوائد على مدى عقود .
لكن ما حدث أواخر العام ٢٠١٤ وطوال العام الماضي من تراجع كبير لأسعار النفط حتى وصل لأقل من ٣٠ دولار للبرميل ، وهو ما تكرر ثلاث مرات في ثلاثين سنة تقريبا ، تجرع الاقتصاد السعودي خلالها ألم التقشف الشديد بسبب عدم وجود مصادر أخرى للدخل يمكنها تغطية فارق تراجع دخل النفط . لكن الوضع هذه المرة يختلف كثيرا عن الماضي من أوجه عدة أهمها أن مستقبل النفط لم يعد كما كان في السابق ، فبدائل الطاقة النظيفة تتطور بوتيرة سريعة وليس من المستبعد أن تأخذ مكان النفط في القريب العاجل . لذلك وجب أن يكون الاصلاح هذه المرة جادا وفي عمق الاقتصاد وليس أطرافه.
تكمن مشكلة الاقتصاد السعودي أنه إنتقل من اقتصاد زراعي رعوي بسيط إلى اقتصاد خدمي استهلاكي مباشرة دون أن يمر بالاقتصاد الصناعي الإنتاجي فعليا . وهذا التشوة في تركيبة الاقتصاد السعودي كونت فجوة ضخمة بين الاقتصاد الزراعي البسيط والاقتصاد الخدمي الاستهلاكي ، نتج عنه اختفاء طبقة العمال المنتجين من المجتمع السعودي ، وظهرت طبقة المجتمع الثري الاستهلاكي غير المقدر لقيمة ما يمتلك من ثروة لأنه حصل عليها بدون جهد حقيقي يذكر . فالمستورد والعقاري وصاحب المؤسسة الخدمية وغيرهم تكونت لديهم ثروات هائلة خلال مدة قصيرة جدا دون جهد حقيقي في البناء الذي لا يجب أن يشملهم فقط بل يشمل المجتمع حولهم ، ودون أن يكون لهم أثر إنتاجي في المجتمع ، بل إن العقاري مثلا قد يكون فردا واحدا يدير مؤسسة تمتلك مئات الملايين من الريالات وتدر ملايين الريالات سنويا ، ولا يسهم في فتح بيت واحد من بيوت المجتمع . هذا بخلاف حالات الفساد التي أنتجت أثرياء من نهب الأموال العامة وغسيلها .
لذلك يجب أن يبدأ الاصلاح بإعادة بناء الفجوة التي حدثت في الاقتصاد السعودي ببناء القطاع الصناعي مع الأخذ بعين الإعتبار عوامل نجاح ذلك البناء ، حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة ، وأول ما يجب أن نضعه بعين الإعتبار أن يكون الشباب السعودي هم أساس بناء تلك الصناعة بدءاً من العامل وإنتهاءًا بالمدير . فإن كنا في الماضي نعاني نقص الكوادر القادرة على قيادة النهضة الصناعية عدديا ومهنيا ، فإننا الأن نملك العدد الكافي وربما الفائض عن الحاجة من الشباب المؤهل أفضل تأهيل ، والقادر على تشغيل المدن الصناعية في أجراء الوطن بكفاءة عالية .
وما لم يتم هذا الأمر ويكون الشباب السعودي هم عماد البناء الصناعي القادم ، ويشغلون أهم الوظائف الإنتاجية والإدارية ، ويعيدون المجتمع المنتج الذي عاشه أجدادهم ، فإن تلك المدن الصناعية لن تعدوا أن تكون عقارات مستأجرة من مستثمر أجنبي ، ولن يتغير في واقع المجتمع وبالتالي الاقتصاد السعودي شيئا يذكر غير نمو ثروات القلة من النفعيين غير المنتجين .
الغامدي
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال