الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
لا يكاد يمر حديث عن الاستثمار الناجح أو عن صناعة الثروة بدون الإشارة إلى بليونير العصر والزمان وارين بافيت. يطول الحديث عن بافيت العبقري والمستثمر الذكي مع الاستشهاد بمقولاته الشهيرة عن صناعة الثروة والصبر على الاستثمارات بالإضافة إلى طريقة عيشه البسيطة. في المقابل، ما لا يتم التطرق إليه كثيرا هو بدايات بافيت وخلفيته.
ولد وارين في العام 1930 لرجل أعمال وصاحب شركة وساطة في أسواق الأسهم. رجل الأعمال هذا تحول إلى سياسي انتخب فيما بعد عضوا في مجلس النواب الأميركي لأربع دورات ممثلا للحزب الجمهوري. كان الصغير يتردد على مكتب والده ويلهو بكتابة أسعار الأسهم ومتابعة ما يجري حوله. في الحادية عشرة من عمره قام بأول عملية استثمارية في حياته عبر شراء ثلاثة أسهم لشركة بسعر 38 دولارا للسهم. انخفض سعر السهم إلى 27 ثم ارتفع وباعه وارين ب 40 دولارا محققا ربحا صغيرا. يروي بافيت القصة فيما بعد بأن السهم وصل بعد أن باعه إلى سعر 200 دولار معتبرا أنه تعلم أول دروسه الاستثمارية بعدم التسرع في البيع. في نفس الفترة كان قد بدأ بالقيام بمشاريع صغيرة تناسب عمره مثل بيع الصحف وبعدها تركيب ماكينات لعب في صالونات الحلاقة وكان يجني أرباحا من ذلك حتى باع مشروع الألعاب ب 1200 دولار.
التحق وارين بافيت بجامعة مرموقة لدراسة إدارة الأعمال ثم انتقل إلى جامعة أخرى مستمرا في القيام بمشاريع تجارية متنوعة حتى تخرج في االعشرين من عمره ولديه ثروة تقدر ب 10 الاف دولار أي ما يعادل 100 ألف دولار تقريبا بأسعار اليوم. في تلك الفترة كان قد قرأ كتاب “المستثمر الذكي” للمستثمر والأكاديمي الشهير بينجامين جراهام وتأثر به كثيرا، فقرر الانتساب لدراسة الماجستير في جامعة كولومبيا التي كان جراهام مدرسا فيها. بعد التخرج عمل وارين بافيت كوسيط في مكتب الوساطة التابع لوالده ثم انضم الى شركة مثله الأعلى جراهام ليتعلم المزيد منه عن قرب. عمل لدى الشركة كمحلل مالي براتب سنوي قدره 12 ألف دولار. استمر في عمله فقط لمدة سنتين لأن جراهام قرر أن يتقاعد ويغلق الشركة. بلغت ثروة بافيت حينها مبلغ 174 ألف دولار (1.5 مليون بأسعار اليوم) وبلغ عمره 26 سنة.
بعد خروجه من شركة جراهام، اشترى وارين بافيت منزله العائلي الذي مازال يعيش فيه إلى اليوم وبدأ رسميا عمله الخاص المنظم عبر تأسيس شركته الخاصة. اتبع في عمله أسلوب أن يؤسس شركات تابعة للشركة الأم ويأتي بشركاء في كل مجال حسب نشاط كل شركة. خلال 6 سنوات كان بافيت يدير 7 شركات مختلفة وأصبح مليونيرا في عمر ال 32.
بعد المليون الأول، بدأ بافيت إعادة هيكلة استثماراته فدمج شركاته المتعددة في شركة واحدة وبدأ بشراء أسهم لشركة تعمل في صناعة النسيج. استمر بشراء أسهم الشركة حتى حصل على الأغلبية وفصل المالك السابق للشركة من الإدارة وعين مديرا جديدا. الخطة التالية كانت دخول الشركة في نشاطات بعيدة عن عملها الأساسي مثل التأمين والاستثمارات المالية. فيما بعد أغلق بافيت أعمال النسيج واستمر في إضافة أنشطة الاستثمار وتطبيق فلسفته الاستثمارية وأسلوبه الذي كونه وطوره منذ الصغر. في عام 1990 أصبح ابن السياسي السابق بليونيرا، وبقية القصة نسمعها كل يوم تقريبا.
ماذا تعني رواية قصة بافيت كاملة؟
الرواية ليست للقيام بسرد تاريخي أو لعرض مجريات حياة المستثمر الكبير. القصد من الرواية هو الإضاءة على الجوانب المهمة في حياة وارين بافيت والتي وصلت به لأن يصبح مستثمرا ناجحا جدا وثريا متربعا على صدارة أثرياء العالم لسنوات طويلة. بنى وارين بافيت فكره الاستثماري بالعمل والتجربة والمخاطرة منذ نعومة أظافره. أرفق ذلك بالتعليم وتطبيق ما تعمله أكاديميا وعمليا فوصل إلى ما وصل إليه. خلفيته والبيئة التي جاء منها وضعته أيضا في وضع أسهل للحصول على ما يريد والسير في الاتجاه الذي اختاره. بعد كل ما سبق والنجاح المذهل الذي وصل إليه, أصبح كلام وارين بافيت يردد من قبل الناس كمقولات مهمة وملهمة. من المهم الانتباه للتفاصيل لمن يريد السير بنفس الاتجاه وأن لا يعتبر أحد أن العملية سهلة ويمكن تقليدها بترديد المقولات.
صناعة الثروة عملية مضنية وشاقة وليست فقط بقراءة كتاب “المستثمر الذكي” ثم التوجه لشراء الأسهم.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال