الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخصص مالية – سياتل الامريكية
AzizFahd@
بدأت قصة الإكرامية أو ما يعرف “بالبقشيش” في القرن السادس عشر الميلادي، عندما وضع أصحاب محلات القهوة علبة مصنوعة من الحديد داخل محلاتهم كحافز لموظفيهم لتقديم خدمة أجود وأسرع. فعندما يسمع النادل صوت العملة ترتطم بالعلبة المعدنية، يقوم بالاسراع في خدمة الزبون وتقديم الطلب له قبل أي زبون اخر. وهذه صورة من صور الرشوة. فالرشوة في تعريفها هي “مايعطى لإبطال حق أو لإلحاق باطل”
في الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبر البقشيش “علامة رضى” للخدمة المقدمة من المنشأة، تكون نسبتها بين 10% إلى ال20% من قيمة الفاتورة. ويقدر مجموع ما يحصل عليه العاملون – في المطاعم فقط – من بقشيش ما مجموعة 48 مليار دولار (180 مليار ريال سعودي) سنويًا.
أذا افترضنا استنساخ فكرة البقشيش إلى السعودية هل سيستفيد المواطن السعودي والأقتصاد السعودي من هذه الفكرة؟
في الولايات المتحدة، يشعر المواطن – وأيضاً الزائر- بأنه ملزم إجتماعياً بدفع البقشيش. والسبب في ذلك يعود إلى تدني أجور العمالة واعتمادهم بشكل أساسي على الاكراميات التي يحصلون عليها مقابل خدماتهم كمصدر للدخل. ولذلك فإنه عند زيارتك لأي من المطاعم في الولايات المتحدة ستجد أن النادل يسعى إلى كسب رضائك وتقديم خدمة أفضل وذلك رغبة في الحصول على الإكرامية المنتظرة منك.
فهو ينظر الى العامل كشخص محتاج أكثر من كون أن الخدمة المقدمة له كانت ممتازة. وطبعاً يتناسى المواطن أن العامل في ورشة السيارات أو في المطاعم السريعة يقدم خدمة قد تكون في مجملها أصعب من تقديم القهوة، ومع ذلك لا يسمعون العاملون صوت العملة ترتطم بالعلبة المعدنية.
هذه الثقافة قد لا تتفق مع مقومات المجتمع السعودي ولا تناسبه. فإذا ما أردنا أستنساخ فكرة البقشيش وجلبها للسعودية، فإن ذلك لن يدعم الاقتصاد السعودي وقد لا يجلب منافع اقتصادية أو اجتماعية كما هو الحال في الولايات المتحدة. بداية فإن معظم العاملين في المحلات والمطاعم هم من جنسيات غير سعودية، وهذا يؤثر سلباً على الأقتصاد في تصدير المزيد من المال السعودي خارج السعودية. كما أن شعور المواطن بأنه ملزم بدفع البقشيش، وبأنه “بخيل” إذا لم يقدم هذه الإكرامية سوف يؤدي إلى زيادة انفاقه وزيادة التكلفة المعيشية.
قد تتسائل عزيزي القارئ عن من سوف يكون من مصلحته انتشار ثقافة البقشيش في السعودية؟ والجواب هو أن ذلك سوف يكون من صالح أصحاب العمل، ملاك المطاعم والمقاهي. يفكّر ملاك المطاعم -والتجّار بشكل عام- بخفض المصاريف وزيادة الأنتاجية. ومن طرق خفض المصاريف، تقليص راتب العامل و تحفيزه بجني المزيد عن طريق البقشيش. وهي طريقة غير مباشرة لجعل الزبون يدفع من ١٠٪ الى ٢٠٪ من راتب العامل مقابل خدمة مفترضة ومتوقعة من صاحب المنشأة. وقد كاد أن ينجح ملاك المطاعم في فرض “رسوم خدمة” جبرية على كل الزبائن، الا أن وزارة التجارة والصناعة أصدرت قرارها بمنع هذه الرسوم وفرضت غرامات على أصحاب هذه المحلات، ويالتالي فشلت محاولتهم.
الحقباني
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال