3666 144 055
[email protected]
الجهود التي نبذلها لرفع نسبة السعودة لا تزال تبحث عن الحلول السهلة، ومن ضمنها طبعاً جهود وزارة العمل التي ضيقت على قطاع الأعمال عندما بدأت ببرامج نطاقات واتبعته ببقية الإجراءات التي لم تفلح في خفض نسبة البطالة. وهذه الجهود يمكن السكوت عليها على مضض باعتبار أنها كانت حلول اضطرارية عام 2011.
وإلا فإنه كان واضحا من ذلك الحين أن رفع نسبة توظيف السعوديين في القطاع الخاص لا يمكن أن تتم من خلال خفض جدوى استثمار هذا القطاع، فأصحاب الأعمال إذا ما رأوا إن تكلفة اليد العاملة مرتفعة فإنهم سوف يعزفون عن التوسع في توظيف رؤوس أموالهم، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التركيبة السكانية في المملكة، التي يغلب عليها فئة الشباب، فإن انكفاء أصحاب الأعمال عن زيادة الاستثمار سوف تؤدي إلى تقليص الطلب على هذه اليد وارتفاع نسبة البطالة. وهذا ما نراه.
بالفعل فإن الإجراءات قصيرة الأجل قد استنفذت إمكاناتها وأن الوقت قد حان للانتقال إلى التخطيط بعيد المدى، فالاستبيان الذي تم إجراؤه لزوار جناح المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في مهرجان “الجنادرية 30” قد بين أن 89% من السعوديين يؤيدون وجود مواطنين يعملون بمحلات مهنية وفنية، فشبابنا الذين صنعوا مدرعة “سلمان الحزم” لهم قادرون، إذا ما أتيحت لهم الإمكانات، على ابتكار منتجات سعودية أخرى تضاف إلى مفاخر الصناعة السعودية.
وأعتقد أن أحد الأدوات المهمة لذلك هو القضاء على الغش التجاري والتستر، فهذه الظواهر التي بلينا بها، وكونت بين ظهرانينا جيش من العمالة الوافدة غير الشرعية، أصبحت تشكل النواة لكتائب العاملين في اقتصاد الظل الذي وصل متوسط حجمه إلى 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إما بلغة الأرقام فإن حجم هذا الاقتصاد قد بلغ في نهاية 2014، وفقاً لبيانات البنك الدولي، 549 مليار ريال.
إن هذه ال 549 مليارا إذا ما وظفت بشكل شرعي لهي قادرة على محو البطالة والقضاء على مئات الجرائم، ولذلك فنحن نحتاج إلى إجراءات وقوانين تغلق باب التستر والغش التجاري وتفتح المجال أمام شبابنا بل وتشجعهم على العمل في الأسواق التجارية وفي دكاكين المفرق وقطع الغيار والورش التي تنتشر بمختلف أنواعها في شوارعنا ومدننا الصناعية، فسعودة هذه المجالات وغيرها سوف تعطي نتائج أفضل بألف مرة من نطاقات، كما أن حافز لو يتم تطويره أو استبداله ببرنامج آخر يشجع شبابنا على العمل في المجالات المشار إليها فإن النتائج سوف تكون باهرة جداً، فهناك الكثير من النشاطات التي يمكن للسعوديين أن يحلوا فيها مكان العمالة الوافدة سواء كمستثمرين أو ممارسين للمهنة.
ويمكن لمجلس الشورى بدلا من التركيز على محاسبة وزارة العمل، وتقصيرها في تقليص نسبة البطالة، أن يهتم بوضع التشريعات والتوصيات التي تسعود الكثير من النشاطات الاقتصادية المهمة، فشبابنا إذا ما توجهوا إلى المجالات المهنية والفنية فإن المعادلة سوف تتغير ليس على المستوى القصير، كما تحاول وزارة العمل منذ عام 2011، وإنما على المستوى البعيد، وفي هذه الحالة يمكن أن نبشر أنفسنا مسبقاً بأن الاختراعات والابتكارات السعودية سوف يزداد عددها.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734