الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمويل المصارف للأفراد يمكن أن يوصف بأنه سلاح ذو حدين ففي الوقت الذي تقدم المؤسسات المالية للأفراد فرصة توفير السيولة بطرق ميسرة تمكن الأفراد من الحصول على احتياجاتهم دون انتظار اكتمال المبلغ المطلوب لتلك الاحتياجات والسلع لديهم، مما يسهل لهم كثيرا من احتياجاتهم ويوفر عليهم تكلفة الاستئجار المؤقت لكثير من السلع والاحتياجات.
لكن في المقابل نجد أن سوء إدارة أمور بعض الأفراد المالية وذلك بالمبالغة في الاقتراض دون الحاجة الحقيقية إلى السلعة أو الخدمة أو تحمل تكلفة هي أكثر من احتياجه قد يكبده تكلفة عالية مستقبلا خصوصا مع زيادة الأعباء على الأسرة، والملاحظ خلال الفترة الحالية ازدياد حجم الديون على الأفراد في المجتمع الخليجي ففي دراسة قامت بها جامعة قطر أشارت لها صحيفة “البيان” الإماراتية بموقعها الإلكتروني على الرابط التالي: ” هنا” تحذر فيها الدراسة من ارتفاع الديون الشخصية في قطر وكما جاء في الصحيفة “حذرت دراسة أجرتها جامعة دولة قطر من ارتفاع الديون الشخصية للمواطنين القطريين، حيث زاد أعداد الأشخاص المقترضين لمبالغ كبيرة من المصارف المحلية، وتعثر البعض عن سداد أقساطها. ويبلغ عدد الأسر القطرية المستدينة من المصارف نحو 75 في المائة من إجمالي الأسر، وأغلبهم مدين بأكثر من 250 ألف ريال قطري، أو ما يوازي 68.7 ألف دولار، وفقا لتقرير حكومي لعام 2014.
قد لا يصل الحجم في المملكة إلى هذا الحد من المديونيات، ولكن في دراسات أشارت لها بعض المؤسسات الإعلامية ذكرت الدراسة أن نسبة المدينين من الموظفين الحكوميين تصل إلى 90 في المائة وهذه نسبة عالية جدا باعتبار أن هذه الشريحة من أفراد المجتمع تدفع ثلث راتبها للجهات الممولة، ومع امتلاك نسبة كبيرة من هذه الشريحة بطاقات ائتمانية تسمح باقتراض الفرد لما يزيد على راتبه فإن سوء استخدام هذه الخدمات قد يكبد بعض الأفراد أعباء مالية كبيرة يصعب الوفاء بها مع ارتفاع تكلفتها مع الزمن.
ظاهرة الاقتراض من المصارف في المجتمعات ليست ظاهرة غريبة في العالم فكثير من أفراد المجتمعات المتقدمة اقتصاديا يعاني أفرادها كلفة المديونيات التي على الأفراد في ظل أنظمة وتشريعات تسمح للمصارف ومؤسسات التمويل بإقراض الأفراد دون قيود وهو ما جعل كثيرا من مواطني تلك الدول كأنما يعملون لجهات التمويل باعتبار أن ما يحصلون عليه من رواتب يذهب معظمه لتلك المؤسسات بين مبالغ خاصة بالبطاقات الائتمانية، وأخرى للرهن العقاري، وقرض خاص بالسيارة وقروض أخرى للسفر وغيره، والاسترسال في هذه الصور من التمويل كان سببا في أزمة الرهن العقاري التي أحدثت أزمة مالية في عام 2008، وكاد يعقبها كارثة أخرى تتعلق بالبطاقات الائتمانية.
الحالة القطرية التي أشارت إليها الدراسة قد لا تكون بعيدة عن الحالة الموجودة لدى الدول الخليجية الأخرى فإقبال كثير من الأفراد على الكماليات والمبالغة في ذلك لم يكن له أثر سلبي فقط في زيادة المديونية على البعض بل كانت سببا مباشرا في الضغط على الأسعار وزاد في مستويات التضخم في السوق.
لا شك أن الإجراءات والضوابط التي فرضتها مؤسسة النقد في المملكة على جهات التمويل كان لها أثر في الحد من استشراء ظاهرة الاستدانة من مؤسسات التمويل ولكن مع ذلك فإن حجم القروض الاستهلاكية ما زال في ازدياد ولا يذهب معظمه للاحتياجات الضرورية مثل السكن، ولذلك نجد أن مسألة التوعية والترشيد في مسألة الإدارة المالية للأفراد مسألة مهمة جدا مع عدم التركيز على القيود فقط التي تفرضها مؤسسة النقد، حيث إن هذه القيود للأسف دفعت بوجود سوق سوداء للاستدانة تستقطب مجموعة من المحتاجين للتمويل الذين لا تمولهم المصارف، فيزداد الأمر بالنسبة لهم سوءا بسبب ارتباطهم بجهات تمولهم دون ترخيص وتبالغ في تكلفة الدين عليهم، وتأخذ منهم ضمانات قاسية قد تكلفهم التنازل عن ممتلكاتهم الضرورية، وهذه كارثة قد يتحول بعدها الفرد إلى الإفلاس مع استرساله في الاستدانة.
فالخلاصة: إن ظاهرة استمرار زيادة معدلات القروض أو التمويل الاستهلاكي بين الأفراد لا بد أن تأخذ حظها من الدراسة بغرض التفكير في حلول تشجع الأفراد على الترشيد في الاستدانة وتوجيه هذا النوع من الاستدانة إلى الاحتياجات الضرورية بدلا من الاستدانة بغرض الحصول على سلع ثانوية أو كمالية خصوصا مع الزيادة في تكلفتها وتضخم أسعارها كنتيجة طبيعية لزيادة لطلب على تلك السلع.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال