الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متخصص في العلوم الإستراتيجية عضو جمعية الاقتصاد السعودية
Dhefiri_F@
كثيرون يرونه رجل أعمال القرن ، وآخرون يعتبرونه منارة النجاح ، فهو الدليل لكُل تائه في عالم الأعمال . وربما عزيزي القارئ لم تعرف عنه أو تسمع به من قبل ، ولكن السطور التالية تعبر عن قصة هذا الهرم الشامخ في حضارة الرأسمالية .
إنه مواطن أمريكي ، ولد في العام ١٩٣٢ بمدينة ماساتشوستس ، عانى طفوله صعبة في حياته ، وأُضطر في صغره للعمل كموزع للصحف وبائع للاحذية أيضاً . أكمل دراسته ، وإلتحق بالجامعه وتخرج منها بشهادة الهندسة الكيميائية ، ولاحقاً أكمل دراسته للماجستير والدكتوراه .
التحق بالعمل في أحد أكبر الشركات الامريكية وأشهرها ، شركة جنرال اليكتريك ، وبدأ فيها صغيراً يعمل في المختبر ، وهكذا استمر في العمل حتى أصبح الرئيس التنفيذي للشركة . ومن هناك بدأت مسيرة الشهره الحقيقية, والتي جعلته من أعظم رجال الأعمال في التاريخ الأمريكي .
استلم زمام القيادة في الشركة في العام ١٩٨١, وأرباحها لا تتجاوز ١.٥ مليار دولار ، وغادرها في العالم ٢٠٠٠ ميلادي, حين وصلت الأرباح ١٤ مليار دولار , ومجموع إيرادات يقارب ١٢٥ مليار دولار .
ضاعف القيمة السوقية للشركة ٤٠٠٠٪ ، وهو رقم مذهل في الحقيقة , فلقد بلغت قيمة الشركة في سوق الاسهم قرابة 400 مليار دولار أمريكي . كتب عن تجربته الإدارية في عدة مؤلفات , أصبحت الأعلى حسب قائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً.
جاك ويلش هو أكثر من عبّر عن نظرية (تعظيم قيمة الأسهم)، والتي لقيت رواجاً في تلك الحقبه . كان يتقاضى راتباً قدره 30 مليون دولاراً في السنه , أي ما يعادل 700 إلى 800 ضعف دخل العامل في جنرال إلكتريك !!
رجل بهذه المواصفات والإمكانيات كان تعبيراً عن انتصار الرأسمالية التي تدعو إلى الإبداع وبذل الجهود لأجل تحقيق الاهداف .
لقد زلزل (جاك) الأرض من تحت جنرال إلكتريك ، وقلبها رأساً على عقب , فلقد خفض عدد المجالات التي تعمل بها الشركة من 350 إلى 12 مجال فقط !! كما أوصى كل مسئول في الشركه بتخفيض مقداره 10% من عدد العاملين كل عام . وبهذا القرار وقع جاك على قرار الإستغناء عن 50% من الاربعمائة الف عامل الذين كانوا في جنرال الكتريك . أي ما مقداره مائتي ألف عامل !!
كان يطلق عليه لقب «جاك النيوتروني»، في إشارة إلى الأسلحة النيوترونية، قاصدين بذلك ما فعله بالمصانع والعاملين أيضاً, وكيف فتك بها بشكل مرعب . نقل الكثير من المصانع إلى خارج البلاد ، بحثاً عن اليد العاملة الرخيصة , وأغلق الكثير من الأقسام والقطاعات في الشركة من أجل تخفيض التكاليف وتعظيم الارباح . وهذا ما ساعد ( رغم كفاءته التي لا ينكرها احد ) في ارتفاع أرباح الشركة بصورة تصاعدية وتعظيم حقوق المساهمين .
أن جاك في إعتقادي ماهو الا عنوانا لنظرية لا أخلاقية ولا ترى في الانسان الا العمل , وكأنه آلة ميكانيكية ، تعمل بلا هواده , فبمجرد أن تتعطل تُستبدل في الحال , أنه عنوان عن نظرية لا تعترف بالمشاعر الانسانية , ولا تتحدث الا بلغة الربح وتعظيمة فقط دون أي إعتبار لأي مصالح أخرى، سواءٌ كانت للعاملين أو حتى للدولة ، وذلك عندنا أغلق المصانع ونقلها لدول أخرى تقدم التسهيلات والحوافز واليد العاملة الرخيصة.
لقد فعل جاك الكثير من اجل تحقيق الربح فقط على الرغم من ان الفترة التي قضاها في إدارة الشركة ، كانت تعتبر من أكثر فترات إزدهار الرأسمالية ، وخاصه في عقد التسعينيات من القرن الماضي .
أن (جاك) بكل إختصار يمثل الوجة القبيح للرأسمالية المجردة من أيةٌ عواطف ، والتي لا تحفل بالوسيلة من أجل تحقيق الغاية . أو كما قال الراحل غسان كنفاني في روايته عائد إلى حيفا, ” إن هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال