الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
لم أكن أتوقع حجم ردة الفعل على مقالتي السابقة (العمل الحر أمل الشباب ومستقبل الوطن) ، كونه مقدمة فقط للحث على العمل الحر ولم يتطرق إلى عمق تحديات العمل الحر رغم إشارته لها ، لكني تلقيت عددا من الاتصالات والرسائل المتعلقة بالمقال . والحقيقة أن معظم ردود الفعل كانت سلبية ومحبطة ومشككة في ما ذهب إليه المقال من أن العمل الحر هو أمل الشباب ، وسرد لي البعض تجاربه المؤلمة مع العمل الحر والخسائر التي تكبدها رغم حرصه وإهتمامه ، وذكر أخرون تجارب شباب دخلوا مجال العمل الحر بآمال كالجبال وخرجوا منه يأملون في خفي حنين .
أما العوامل التي تمحورت حولها ملاحظات المعترضين على صعوبة العمل الحر على الشباب فكانت على ثلاث محاور رئيسية هي :
المحور الأول يتمثل في صعوبة الحصول على تأشيرات للعمالة الأجنبية التي يحتاجهااي مشروع . وهذه الشكوى من الشكاوى المتكررة لأصحاب المشاريع التجارية الجديدة وحتى القائمة والكبيرة أيضا ، فإذا كان المشروع بحاجة لعشر تأشيرات مثلا فإن ما يُعطاه صاحب العمل ثلاث أو أربع تأشيرات فقط ، وهذا من أسباب سعادتي رغم شكي في جدواه في التخفيف من حجم العمالة الوافدة .
المحور الثاني صعوبة منافسة العمالة الوافدة في العمل الحر لثلاثة أسباب رئيسية : أولا لتكتلهم معا وتكوين مجموعات إحتكارية لكل قطاع يصعب إختراقه من قبل الشباب السعودي وحتى من قبل العمالة الوافدة الأخرى . وطول مدتهم في السوق ومعرفتهم بأدق تفاصيله أعطتهم أفضلية في العمل والإنجاز، بخلاف الشاب السعودي الذي تنقصه الخبره والمعرفة في السوق لذلك تكثر مشاكله وأخطاؤه.
إضافة الى ذلك إنخفاض تكاليف العمالة الوافدة لقلة مصاريفهم الخاصة ، والأهم فترة العمل الطويلة أدت إلى خفض تكاليفهم الثابتة ، في حين أن الشاب السعودي في بداية عمله تكون تكاليفه الثابتة عالية جدا ترهقه كثيرا ما تجعله غير قادرا على المنافسة وأحيانا كثيرة غير قادر على البقاء في السوق، إضافة إلى إرتفاع التكاليف الخاصة للشاب السعودي لإعتبارات كثيرة .
وأخيرا الإجراءات المعقدة والطويلة والمرهقة والمكلفة للحصول على تصاريح المشروع ، وكثرة الطلبات التي تصل حد التعنت في بعض الحالات . وقد ذكر لي أحد الأصدقاء أن أقارب له بذلوا كل ما يستطيعون للحصول على تصاريح مشروع معين حتى شارفوا على الإفلاس ، واضطروا إلى تسليمه لعمالة وافدة ، وخلال أسبوعين فقط إستخرجت جميع التصاريح اللازمة للمشروع وتشغيله . و سوف أفرد لهذه المشكلة مقالا خاصا .
بالنسبة للمشكلتين الأوليين أول ما نلاحظه أنهما متضادتين ، فالحاجة إلى مزيد من العمالة في سوق العمل السعودي والشكوى من سيطرتها على السوق وصعوبة منافستها تناقض فج لا يمكن الجمع بينهما إلا لمن يريد أن يُحضر عماله ويسلمها كل شيء مقابل جباية شهرية أو سنوية للتغطية . وأنا هنا أدعم فقط مشاريع الشباب التي تعتمد على الشباب السعودي بالكامل ولست مع المشاريع التي تعتمد على عمالة وافدة إلا في حدود ٢٠٪ من حجم العمالة ، بشرط أن تكون في تخصصات نادرة أو أعمال لن يقبل بها سعودي ، بل إنني ضد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمتد كليا على العمالة الوافدة دون ضرورة واضحة .
ما يُهمني أكثر هو التأكيد على أن العقود الطويلة التي تُرك فيها سوق العمل للعمالة الوافدة دون مساهمة تذكر من الشباب السعودي حولت ذلك السوق إلى منطقة محتلة تماما من العمالة والوافدة مما شكل خطرا حقيقيا على الوطن إمنيا واقتصاديا وإجتماعيا ، ويجب تحرير السوق من إحتكارات العمالة الوافدة وسيطرتها بما يضمن تفوق الشباب السعودي حفاظا على أمن الوطن ، والمعركة صعبة وطويلة وشاقة ولا تقل أهمية عن معركة الحد الجنوبي . فالشباب السعودي الذي أثبت حبا ووفاء وتضحية للوطن في الحد الجنوبي ، قادر على أن يثبت نفسه في العمل الحر رغم كل الصعوبات والمعوقات التي ستقابله من الجهات الرسمية وغير الرسمية ، ورغم الحرب الضروس التي سيواجهها مع العمالة الوافدة التي لن تقبل بسهولة خسارة مواقعها التي إحتلتها من زمن بعيد وسيطرت عليها لعقود طويلة ، المعركة ليست سهلة لكن الشباب بقدر التحدي ، وثقتي فيهم كبيرة جدا لقربي منهم ومعرفتي بإمكانياتهم .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال