الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رؤوس الأموال التي في حوزة الأمم كثيرة منها رأس المال البشري، ورأسمال المعرفة، ورأس المال المادي المتمثل في المعادن الثمينة كالذهب، والفضة، والأموال الورقية، ورأس المال المتمثل في ثروات طبيعية، كالبترول، والغابات، والأنهار، وغيرها من عناصر الثروة، إلا إن الثروة الحقيقية، ورأس المال الأساسي هو البشر، ولذا تعنى الأمم النابهة والمتحضرة بالاهتمام بهذه الثروة تعليما، وتدريبا، وتثقيفا، وتحصينا لهم من الآفات السلوكية والأمراض الاجتماعية، والمؤثرات العقلية، كما أن أعداء أي وطن، أو أمة يجتهدون في هزيمة الوطن، أو الأمة من خلال العبث برأس المال البشري لتحويله إلى كم ليس له اهتمام بالرقي والحضارة، إما بزعزعة قيمه، والتشكيك في معتقده، أو بإدخاله في دائرة الانحرافات السلوكية التي تجعل اهتماماته مرتكزة على الشهوات وإشباع الرغبات المحرمة، كالمخدرات.
تابعت كغيري من أبناء الوطن إعلان وزارة الداخلية بشأن القبض على 953 من المتورطين في تهريب وترويج المخدرات، وما يلفت الانتباه أن أكثر من ثلثيهم من الأجانب والباقي سعوديون، والبيان أورد تفاصيل بشأن أنواع المخدرات من حشيش وأفيون وكوكائين وكبتاجون وشبو، إضافة إلى الأموال البالغة 26 مليون ريال والأسلحة التي وجدت بحوزتهم.
نسمع كثيرا عن تنفيذ أحكام قضائية بشأن أفراد تورطوا في هذه التجارة المحرمة والتي لا شك أنها ذات آثار مدمرة للفرد والمجتمع، خاصة أن الترويج صار يستهدف شريحة الأطفال، والشباب في مدارسهم لسهولة صيدهم، والإيقاع بهم، إما لجهلهم أو بهدف تجريب شيء جديد بالنسبة لهم، بهدف المباهاة أمام الزملاء، والأصدقاء، حتى إذا ما دخلوا في دائرة الشر صعب عليهم الخروج منها، والسؤال: لماذا لم يرتدع البعض عن هذا المحرم مع أن العقوبة شديدة؟!
الأجانب الذين قبض عليهم أخيرا، أو من سبقوهم، أو من سيقبض عليهم مستقبلا يفترض أنهم جاءوا للعمل، وطلب الرزق بالطرق المشروعة، وهذا هو سبب استقدامهم، والإذن لهم بالوجود على أرض الوطن، لكن عندما ينحرفون، ويسعون لإفساد أغلى ما يمتلكه المجتمع فمن المحتم أن نعيد النظر في المستوى الثقافي، والتعليمي للشرائح التي يسمح بدخولها الوطن بدلا من فتح الباب على مصراعيه، لكل من هب ودب، ولا أستبعد أن تكون وراء حملات المخدرات الشرسة التي تستهدف بلادنا جهات استخباراتية إضافة إلى ذوي النفوس الرديئة الذين باعوا أنفسهم للشيطان وجمع المال.
القدوم للوطن يفترض أن يكون مفخرة، وشرفا لمن ينال هذه الفرصة بدلا من أن يتحول إلى فرصة إثراء حرام على حساب الوطن في ثروته البشرية، والمادية التي تسلب الوطن عناصر قوته، ولذا يلزم إعادة النظر في معايير الاستقدام المتبعة لنجعل من يقدم ليعمل، أو يزور صفوة المجتمعات، بدلا من المجاملات السياسية التي جلبت عينات رديئة تخلصت منها مجتمعاتها، ووجدت في مجتمعنا مجالا لممارسة سلوكياتها المنحرفة حتى أنهكت الوطن، وحولته إلى ورشة تدريب تكتسب فيه الصنائع، والخبرات، حتى تحولت مشاريعنا التنموية محل عبث، وسرقة للقصور الذي يوجد لدى العاملين على تنفيذها.
تربيتنا، وتعليمنا، سواء الرسمي، أو المنزلي يتحملان جزءا من مسؤولية وقوع أبنائنا، وبناتنا في هذه الآفة، فالوقاية، والتحصين من الانحرافات من أهداف التربية، ولذا نحن بحاجة أن نسأل: هل تقوم المدرسة بدورها في عملية الوقاية والتحصين أم أن العمليتين التربوية والتعليمية تحولتا إلى ممارسة روتينية تقتصر على نقل المعرفة من الكتاب إلى العقول، وأرى أنه مع التقنية الحديثة يمكن تحقيق الحصانة بعرض الآثار المدمرة جسميا، وعقليا، وماديا بعرض حالات واقعية تكشف، وتبصِّر الناشئة بالأضرار المترتبة على المخدرات، كما أن زيارات ترتب للسجون، أو المستشفيات، والعيادات التي تتعامل مع حالات الإدمان؛ لمعاينة الظروف والأوضاع كحالات واقعية.
استضافة من سبق وأدمنوا، ثم تابوا، وأقلعوا يمكن أن تكون لها قيمة تربوية تسهم في تحصين الناشئة خاصة إذا تم استعراض التجارب المريرة التي مر بها من تتم دعوته سواء في صحته، أو في علاقاته الأسرية، والاجتماعية، والوظيفية، خاصة أن البعض فقد كثيرا من مقومات الحياة، وتمزقت أسرهم وفقدوا مدخراتهم وراء متعة زائفة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال