3666 144 055
[email protected]
قال لي إن منزله مقسم إلى أربع شقق سكنية واحدة له وثلاث لأبنائه المتزوجين وأن شركة الكهرباء وفرت له ثلاثة عدادات فقط لكون الابن الثالث تزوج لاحقا وتم فصل شقته بطريقة لا تتماشى مع معايير الشركة في فصل عدادات الكهرباء، ويضيف أن عداد الماء واحد ولم نطالب بفصله لأن تعرفة الماء كانت رخيصة ولا يوجد من يفصل عدادات الماء كما أنه لا يمكن أن نحفر أكثر من بركة ماء في منزل مساحة 400 مترمربع.
آخر يقول إنه بنى منزله قبل نحو 15 سنة بنظام السلم الداخلي ولم يقسمه لشقق وعندما كبر الأبناء وتزوجوا فصلهم بشقق منفصلة في الدورين الثاني والثالث. إلا أن مدخل المنزل واحد وأنه وأسرته وأسرتي ابنيه بعداد كهرباء واحد وكذلك عداد الماء وكانت فاتورة الكهرباء تصل لألفي ريال في الصيف بسبب الوصول للشرائح العليا نتيجة استهلاك الأسر الثلاث وهو الآن جد متخوف من التعرفة الجديدة من الكهرباء والماء والتي سترهقه وكاهل أبنائه بتكاليف كبيرة ما لم يجد حلا.
حسب علمي الكثير من الأسر عالجت المشكلة الإسكانية بطريقة تقسيم الوحدة السكنية الواحدة “الفيلا” إلى شقق عند البناء أو في مراحل لاحقة حينما كبر الأبناء واحتاجوا للسكن وهم غير قادرين على الشراء أو الإيجار لضعف دخولهم الشهرية حيث يقوم الكثير بإعادة توزيع وتقسيم الغرف وإن كان ذلك ليس بالطريقة المثلى للسكن إلا أن الحاجة تلزم الإنسان على التكيف والقبول بما هو متاح وإن كان غير مثالي.
ويبدو لي أن هذه الحلول وتفهم شركة الكهرباء لها بتوفير خدمة فصل العدادات للمنزل الواحد ساهمت بشكل كبير في الحد من المشكلة الإسكانية وعدم ظهور آثار السلبية على السطح كما هو الحال في كثير من الدول، فضلا عن أنها أسهمت بتمكين كثير من المواطنين من شراء مساكنهم بالتقسيط، حيث يقومون بتأجير الشقق الإضافية في المنزل لدعم قدراتهم على تغطية أقساط المصارف قبل زواج أبنائهم ومن ثم تفريغها للأبناء حال زواجهم. التعرفة الجديدة للكهرباء والماء التي جاءت للحد من الاستهلاك الكبير لهما من جهة وللحد من تكاليف الدعم التي تتحملها الدولة في ظل انخفاض إيراداتها النفطية من جهة أخرى، أدخلت الأسر التي تعايشت مع المشكلة الإسكانية بهذا النوع من الحلول الجيدة بمشكلة أخرى وهي بلوغهم الشرائح العليا من استهلاك الكهرباء والماء وبالتالي تكاليف عالية لفاتورة الكهرباء والماء والصرف الصحي لا يستطيعون تحملها، حيث تؤدي بهم لضيق العيش بل وقد تؤدي بهم إلى حالة من العوز والحاجة وخصوصا أن معظم الدراسات تشير لانخفاض متوسط دخل الأسر والذي يراوح في متوسطه حول ستة آلاف ريال في حين خلصت دراسة حديثة شملت عشرة آلاف أسرة سعودية من مناطق المملكة حملت عنوان: “خط الكفاية في السعودية”، أعدها الباحث السعودي الدكتور سامي بن عبد العزيز الدامغ، وأصدرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية، إلى أن الأسرة الواحدة المكونة من خمسة أفراد تشمل الوالدين، تحتاج إلى نحو تسعة آلاف ريال شهريا كي تستطيع الوفاء باحتياجاتها وعيش حياة كريمة.
تعرفة الكهرباء والماء والصرف الصحي سابقا جعلت المواطنين يصممون مساكنهم بطريقة معينة من جهة المساحة والمكونات، ولا شك أن التعرفة الجديدة شكلت صدمة للكثير منهم وهم يتدارسون اليوم كيفية مواجهتها لتخفيض النفقات الكبيرة المتوقعة إلا أنهم دون شك لن يستطيعوا إيجاد حلول ناجعة ما لم تتدخل الدولة – رعاها الله – بالتعاون مع شركتي الكهرباء والماء لإيجاد حلول منطقية لمعالجة مشكلة ارتفاع الفواتير مع مراعاة الواقع الاجتماعي السعودي والسكن العائلي الجماعي الذي حد بشكل كبير من المشكلة الإسكانية وساهم بشكل كبير في الحد من ضعف متوسط دخل الفرد السعودي مقارنة بالتضخم المتنامي في السنوات الماضية.
بكل تأكيد إن أي حلول مقترحة سيحاول المتحايلون أن ينفذوا من خلالها لتخفيض فواتيرهم دون وجه حق، ولكن هذا ليس مبررا لعدم إيجاد الحلول لعامة الناس ممن وقعوا في هذه المشكلة، حيث تسكن المنزل أكثر من عائلة بعداد كهرباء واحد وكذلك عداد ماء واحد وإلا سيضطرون للبحث عن مساكن منفصلة الأمر الذي يزيد معاناتهم ويرفع الطلب على المساكن ويفاقم المشكلة الإسكانية وما يترتب عليها من مشكلات اجتماعية ونفسية.
من الحلول المقترحة أن تفصل عدادات الكهرباء بناء على عدد الأسر المقيمة في المنزل وإن كان تقسيم المنزل غير مطابق لمعايير التقسيم ويمكن الاستعانة بذلك بصكوك الزواج ودفاتر العائلة لمعرفة كم أسرة تقطن في المنزل الواحد (الأب والأبناء المتزوجون، البنات المطلقات)، أما بالنسبة لفاتورة الماء فيمكن أن توجد شرائح جديدة تراعي عدد الأسر في المنزل الواحد إذ لا يعقل أن تكون الشرائح ذاتها لأسرة وأسرتين وثلاث في منزل واحد.
أيضا يمكن أن تطلق الدولة رعاها الله برنامجا تأهيليا للمنازل السابقة وتوعويا لمن سيبدأ في بناء مسكنه بشأن بدائل تخفيض استهلاك الكهرباء والماء ليتمكن أصحاب المساكن السابقة لقرار التعرفة الجديدة من معالجة أسباب ارتفاع الاستهلاك لجهة العزل والمواد والأجهزة المستخدمة وكذلك بالنسبة لأصحاب المساكن الجديدة ليتجنبوا أسباب ارتفاع الاستهلاك بما في ذلك تطبيق مبادئ الهندسة القيمية التي تحد من المساحات غير المستخدمة والمساحات الكبيرة التي تتطلب طاقة كهربائية أعلى لإنارتها وتبريدها في الصيف وتدفئتها في الشتاء.
ختاما: كلي ثقة بحكومتنا في مراعاة جميع المعطيات المتعلقة بفاتورة خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي من ناحية متوسط دخل الفرد والأسرة السعودية ومتطلبات الحياة المتزايدة وناحية الحلول الإسكانية التي ابتدعها المواطنون لمواجهة مشكلة السكن بنوع من أنواع التكافل الاجتماعي الأسري.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734