الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخطط السعودية لجعل استثمارات صندوق الاستثمارات العامة تفوق تريليوني دولار أي 7500 مليار ريال، بحسب موقع هذه الصحيفة نقلا عن موقع بلومبرج الإخباري، الذي أجرى رئيسه لقاء مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قارب خمس ساعات امتد إلى فجر الخميس الماضي.
الاستثمار العام الخارجي والداخلي ليس جديدا، فمؤسسة النقد العربي السعودي تدير أصولا خارجية للمملكة تجاوزت ترليون (1000 مليار) ريال. وحصة صندوق الاستثمارات العامة في الشركات المدرجة محليا تبلغ مئات المليارات من الريالات. وأتوقع أن تنقل استثمارات مؤسسة النقد إلى الصندوق ضمن خطة لإعادة هيكلته يتوقع أن تعلن قريبا.
من أين تؤمن بقية الترليوني دولار؟
بيع أسهم في شركة أرامكو العملاقة للنفط، وتحويلها إلى تكتل صناعي، ويمكن أن تبدأ عروض البيع العام القادم، حيث تخطط الشركة الآن لبيع نحو 5 في المائة من أسهمها، وقد تزيد النسبة مع الوقت. والهدف جعل الاستثمار هو المورد الأساس للدخل في السعودية بدلا من النفط. يقول الأمير “ما نحتاج إليه هو تنويع الاستثمار. خلال 20 سنة لن تكون أغلب استثمارات السعودية استثمارات نفطية”.
هذه الفكرة سمعنا بها قبل شهور، ويدور ما سمعناه حول خصخصة جزء من بعض أعمال أرامكو السعودية وليس احتياطي النفط. والخصخصة من حيث هي قد تتناول جانب الملكية أو تقتصر على جانب التشغيل. وتغطي عمليات “أرامكو: حسب اطلاعي على كل الخطوات من الاستكشاف وحتى تسليم النفط مكررا لشاحنات نقل الوقود، مرورا بعمليات التنقيب والتصفية والتكرير. وبني على هذه العمليات قائمة طويلة من المنشآت والمرافق والمحميات والخدمات.
أجهل تفاصيل فكرة خصخصة جزء من بعض أعمال أرامكو، ومن هذه التفاصيل ما الأعمال المطروح بعضها للخصخصة؟ ومتى؟ وكيف؟ وما المدة؟ وكم تساوي؟ وهل تكفي لجلب ترليون دولار أو أكثر من دون الاحتياطي النفطي؟. إلا أن من المهم تذكر أن أرامكو السعودية المملوكة بالكامل للحكومة أكبر شركات العالم، طبعا بالاحتياطي. أما من دونه فتصبح من كبريات شركات العالم.
تبعا لقيمة “أرامكو” ودورها عالميا، الناتجين من قيمة وأهمية ما تنتجه وتأثيراته وتأثيرات متغيراته في الاقتصاد العالمي، فإن الطرح يكتسب أهمية كبيرة على المستوى العالمي. وعلينا أن نستغل تلك الأهمية بما يحقق أعلى مصلحة لاقتصادنا على المدى البعيد والبعيد جدا، وليس مجرد الحصول على كاش واستثماره بعقلية رجال الأعمال.
كيف؟ أرى أن المفتاح هو الاستفادة من تجربة “سابك”.
في هذا المقام تذكرت تجربة تأسيس “سابك”، وكلاما للدكتور غازي القصيبي رحمه الله عن تأسيسها قبل نحو 40 عاما، بعد تعيينه وزيرا للصناعة بفترة قصيرة. من المناسب جدا أن نستفيد من تلك التجربة لمساعينا في طرح أرامكو.
كانت رؤيته عن ولادة شركة صناعية كبرى على مستوى العالم في مجال البتروكيماويات، شركة تسهم مساهمة فعالة في نقل التقنية ونقل الخبرات والمهارات الإدارية والفنية والتسويقية للبلاد، شركة تسهم بوضوح في تنويع مصادر الدخل.
كانت أفكار وطموحات القصيبي وزملائه الذين عملوا معه موضع تندر كثيرين في الداخل والخارج. دخل القصيبي وزملاؤه في مواجهة عنيفة مع عدة شركات كانت تطمع فى الحصول على عقود لبناء المصانع دون أن تتحمل أى مسؤولية عن أداء هذه المصانع. كانت الفلسفة قائمة على مبدأ “المشاركة” ولم تكن هذه الفلسفة تتيح لنا أن نتعامل إلا مع شركاء.
تم تأسيس مشاريع “سابك” الكبرى بالاشتراك مع شركات عالمية بحيث يملك كل فريق 50 في المائة من المشروع. لم الإصرار على المشاركة؟ يقول القصيبي “نحن نتعامل مع هذه الشركات لأننا بحاجة إلى ثلاثة أشياء تملكها هذه الشركات ونحن لا نملكها: هي تملك التكنولوجيا ونحن لا نملكها، وهى تملك وسائل التدريب ونحن حتى الآن لا نملكها، وهى تملك منافذ التوزيع ونحن لا نملكها”.
بشكل أو آخر، لا نريد خصخصة جزئية لأرامكو لجمع مال فقط لصندوق الاستثمارات، بل مع المال نريد خصخصة تنتج لنا أكثر من “سابك”، نريد خصخصة تنقل لنا تقنية وتدريبا وتوزيعا في أنشطة ومجالات إنتاجية نفتقر إليها خاصة في المجال الصناعي.
يحضرني في هذا صناعات عديدة أذكر منها صناعة آلات استخراج ونقل وتكرير النفط، صناعة المعدات الثقيلة ووسائل النقل العام والسيارات. كما أذكر الصناعات الأساسية غير المعتمدة على النفط والغاز والصناعات المعتمدة على تقنية عالية. وبصفة عامة نريد من فرصة الاكتتاب أن تسهم في: 1 – زيادة وترسيخ توطن المعرفة التقنية والمهنية في بلادنا و2 – تمتين القاعدة الصناعية في بلادنا، ليصبح نصيبها في الناتج المحلي لا يقل عن 20 في المائة في غضون بضعة عشر عاما، بينا هي نحو نصف هذا الرقم حاليا.
نريد من الطرح أن يزيد من دور المملكة الاقتصادي عالميا نظرا لضخامة “أرامكو” وأهمية أعمالها، نريدها فرصة ذهبية في تنويع مصادر دخل الاقتصاد وتنويع مصادر دخل الدولة وزيادة نفوذنا وعلاقاتنا الاقتصادية مع دول العالم في مجالات أخرى غير النفط وبيعه.
تحقيق الطموحات السابقة يتطلب جودة تخطيط ومفاوضات وجهادا وتضحيات وصبرا. لابد أن عند الآخرين مرئياتهم وما يرونه نقاط قوة ونقاط ضعف، ولكن علينا بذل كل جهد لتعظيم نقاط القوة وتصغير نقاط الضعف بما يحقق الطموحات، وقد فعل ذلك القصيبي وزملاؤه قبل 40 عاما.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال