3666 144 055
[email protected]
متخصص في العلوم الاستراتيجية
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
Dhefiri_F@
طالعتنا بعض الصحف بخبر، ما لبث أن انتشر في وسائل التواصل وفي المجالس أيضا, وما بين البسطاء, انتشار النار في الهشيم . فالخبر كان “يؤكد” وصول النفط إلى الأسعار القياسية التي وصل إليها سابقا, وفي غضون سنتين تقريبا ، أي أنه سيصل الى ما يقارب 120 دولار للبرميل في حلول العام 2018.
هكذا وبدون أي مقدمات أو حتى تحليلات تنبؤيه ، كُتِب الخبر ، ونُسِب الى محللين مجهولين بالنسبه لنا ، وانتقل يجوب عالمنا ووسائطنا الاجتماعية وكأنه حقيقه حتمية !!
وقبل الخوض في خبايا هذه العينة من الأخبار أُحب ان أذكر قصة الفيلسوف الامريكي الجنسية اللبناني الاصل الدكتور نسيم نيقولا طالب ، صاحب الكتاب الاكثر مبيعاً {البجعة السوداء} .
يقول ؛ إنه اثناء إندلاع الحرب الاهلية اللبنانية ، ما بين العام ٧٥ حتى ٩٠ ميلادي ، كان يدرس في المرحلة الثانوية آنذلك. لم يكن يدر في خلد أحد قبل وقوع الحرب بقليل, بأنها سوف تقع ، أما بعدما وقعت واشتدت، كان السؤال الذي يتردد دائما في المجالس والطرقات هو : متى ستنتهي الحرب؟ والجواب لم يخرج عن إجابة واحده فقط، وهي: ( قريبا، وفي غضون أيام قليلة) .
وهذا ما جعلهم يسكنون في الفنادق في أيام الحرب الاولى ، أو في مساكنهم المؤقته في قبرص أو احد أحياء باريس او اليونان. الا أن الحرب استمرت قرابة 15 سنه تقريبا ، وذهب ضحيتها الكثيرين ، وممن كانوا يعتقدون بأنها سوف تنتهي في غضون أيام !!
لم يكن لدى الناس, على الأغلب, أي تصور حقيقي لكيفية نهاية الحرب ، ولا السيناريوهات المحتملة والمتغيرات المؤثرة على مسارها ، ولكن الإجابة لديهم كانت حتمية وكأنها حقيقة دامغه لا يمكن انكارها .
وهذا كله بسبب ما يسميه بـ “ثلاثية الابهام والغموض” والتي تتكون من وهم المعرفة وهذا هو اول ثالوث المرض ، حيث الجميع يتراءى له بأنه يعرف ما يدور في هذا العالم , بينما الثاني هو التحوير الذي تتعرض له الأحداث بعد إسترجاعها ، وأخيرا يكمن في المبالغة في تقييم المعلومات الواقعية.
أعود لما بدأت به في هذا المقال, ويمكنني أن أزعم بأن الخبر ماهو إلا رجما بالغيب ، ومحاوله فقط لبث نوع من الاخبار الايجابية , حتى ولو كانت كاذبه او لا تستند الى وقائع مشاهدة أو دراسات مستقبلية ذات ثقة وموضوعية .
إن هؤلاء الفئة من البشر سوف يذكروننا بانهم قد سبقونا بمعرفة المستقبل (في حال حدوثه ) ويزعمون بأنهم العارفون بكل الاحوال والى أين سوف تنتهي ، أم في حال عدم وقوع تنبؤاتهم ، فلن يذكر أحد منا ما قد قيل قبل سنتين، بس الجميع مشغولون بالمعضلة الكبرى .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734