3666 144 055
[email protected]
abdulkhalig_ali@
[email protected]
الخوف من الفشل من أكثر أسباب هروب الشباب من المشاريع التجارية الخاصة بهم ، وذلك الخوف لم يأتهم من تجاربهم الخاصة ومعرفتهم بالسوق ، بل من سماعهم لتجارب الأخرين الفاشلة ، وهم يخشون أن يكونوا رقما إضافيا في قائمة الفاشلين تجاريا .
والسؤال هل فعلا العمل التجاري في المملكة خطير وإحتمالات الفشل فيه أكبر من إحتمالات النجاح ؟ أم العكس هو الصحيح ؟
الواقع أن طبيعة الإقتصاد السعودي الحر والمفتوح على كل إقتصاديات العالم، وطبيعة المجتمع السعودي المستهلك لكل شيء وبقوة ، ومعدلات دخول المواطن السعودي المرتفعة ، والتجارب الناحجة في السوق السعودي ، كل تلك الأمور تُثبت أن العمل الحر في السوق السعودي يمتلك فرصا للنجاح أكثر بكثير من إحتمالات الفشل .
والحقيقة أن فشل بعض المشاريع الناشئة يرجع إلى أخطاء وقع فيها أصحابها أدت إلى فشل تلك المشاريع ، بل إن تلك الأخطاء متكررة تقريبا في معظم المشاريع الفاشلة ، وعلى من يرغب دخول العمل الحر أن يتجنب تلك الأخطاء القاتلة .
وأول تلك الأخطاء عدم دراسة السوق الذي سوف يعمل به المستثمر ، والتعرف على المستهلكين ورغباتهم في النشاط المراد العمل به ، وأذواقهم ومستوى دخولهم . والتعرف على المنافسين وقوتهم في السوق وإمكانية منافستهم ، وكيفية ذلك . والأهم مدى إمكانية إستيعاب السوق لمنافس جديد . كل تلك العناصر المتعلقة بالسوق يجب دراستها جيدا قبل دخول السوق ، وبناءً على نتيجة الدراسة يمكن أن يستمر المستثمر في تنفيذ مشروعه أو التوقف ، أو تغيير النشاط ، أو البحث عن سوق أخر . لكن دخول السوق مع عدم معرفةٍ به مغامرة خطيرة قد تُسبب الفشل .
التكاليف عامل مهم جدا في نجاح أي مشروع ، ودراسة التكلفة بدقة يمكّن المستثمر من معرفة الحجم المناسب للاستمثار وقدرته على تحمله . وأكبر الأخطاء في هذا الجانب هو التوسع في التكاليف الثابتة ، مثل الإيجار الضخم والديكور والأثاث وتكاليف التأسيس وغيرها من التكاليف الثابتة غير المرتبطة بالإنتاج . وهنا يجب على المستثمر الناشئ مراقبة التكاليف الثابتة وخفضها إلى أقصى قدر ممكن ، فكثير من الشباب يعجز عن الإستمرار في مشروعه بعد أن ترهقه التكاليف الثابتة وتستنزف كل ميزانيته . ويكون التوسع في التكاليف الثابتة أكثر خطورة إذا حدث قبل الحصول على التصاريح الرسمية وقبل الإفتتاح الرسمي للمشروع بوقت كبير .
ومن الأخطاء القاتلة إعتقاد أن العمل الحر يحمل من إسمه نصيب ، أي أن التاجر حر في وقته، ينام متى ما أراد ويستيقظ متى ما أراد ويعمل متى ما أراد ، وأنه حر في عدد الساعات التي يجب أن يعملها ووقتها من الليل والنهار ، وكل ذلك أوهام لا أساس لها من الصحة . بل إن العمل الحر أكثر إلتزاما من الوظائف العادية سواء كانت في الحكومة أو في القطاع الخاص ، وأن وقت رجل الأعمال كله لعمله ، وقد يقوم بعمله في أوقات صعبة جدا . ومن يعطى نفسه هواها بظن أنه حر في عمله فإنه يدق مسمارا قاتلا في قلب عمله الخاص ، فلابد من الإلتزام والإلتزام والإلتزام بكل ما تعنيه كلمة الإلتزام من معني ، وأن يبذل مع ذلك الإلتزام أقصى جهد يستطيعه . فعدم الجدية والإلتزام بالعمل من الأسباب القوية لفشل المشاريع الناشئة وحتى العريقة في السوق .
كل مشروع جديد يمر بمرحلة صعبة أُسميها (المرحلة الحرجة للمشروع) ، وهي المدة التي تفصل بين بداية إفتتاح المشروع وبدء تدفق العوائد المجزية التي تستطيع تغطية التكاليف الثابتة ، وهي مدة طبيعية جدا ، فخلالها يتعرف العملاء على المشروع أولا ثم بمرور الوقت يكتسب الثقة ، ثم يبدأ في أخذ جزء من السوق حسب طاقته وجودته . وتلك المدة تختلف من مشروع لأخر وهي ما بين ستة أشهر إلى سنة ، قد تطول وقد تقصر حسب ظروف كل مشروع وسوقه . وخلالها يصاب بعض رواد الأعمال بالملل والخوف من الفشل بمرور الوقت دون نتائج توازى التكاليف والجهد المبذولين في تنفيذ المشروع ، وقد يستبد ذلك القلق والخوف بصاحب المشروع فيستعجل في تصفية أعماله قبل مرور تلك المدة الصعبة . وإدراك تلك الفترة الحرجة والصبر عليها من أسباب النجاح .
أخطر الأخطاء القاتلة والتي يقع فيها كثير من رواد الأعمال هو تسليم إدارة مشاريعهم لغيرهم بالكامل ، خصوصا العمالة الوافدة ، وإعطائهم ثقة مطلقة ، مخدوعين بالكلام المعسول والإحترام المبالغ فيه ، وتغليب حسن الظن في موطن لا يصلح فيه حسن الظن . وقد إطلعت على مشاريع كثيرة فشلت عندما أوكل أصحابها إدارتها للعمالة الوافدة ، ثم بعد أن ييأس منها يسلمونها بالكامل لأولئك العمال مقابل مبلغ مقطوع صغير جدا شهري أو سنوي ، وتكون المفاجأة أن تنحج تلك المشاريع الفاشلة نجاحا مذهلا . يقول أخوتنا في مصر (المال السايب يعلم السرقة) ، لا تترك مالك لاحد يديره عنك ، فسوف يسرقك . من أراد دخول العمل الحر فعليه تجنب تلك الأخطاء القاتلة ، فما وقع فيها أحد وخرج منها سالما .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734