3666 144 055
[email protected]
محلل مالي واقتصادي
Economy_Affairs@
بالرغم من وجهات النظر التي تنادي بعدم الإعتماد على الدراسات الأجنبية (كمصدر رئيس) لرسم الخطط والاستراتيجيات، كون هذه الاستشارات الأجنبية لا تعرف تفاصيل الواقع الحالي، ولإن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره كما تقول القاعدة الفقهية الشهيرة، إلا أن شركة “McKinsey” العالمية للاستشارات أصدرت تقريراً عن الاقتصاد السعودي قبل عدة أشهر يجب اعتباره كعامل مساند للدراسات الاقتصادية المحلية، فالدراسة تناولت قضايا جوهرية تُشخص حقيقة وتفاصيل واقع الاقتصاد لدينا. وهنا سأسلط الضوء على بعض الأرقام التي يجب على الوزارات النظر إليها بعناية عند صناعة السياسات الاقتصادية المستقبلية.
أولاً: القفزة السعرية التي شهدتها أسعار النفط من العام 2003 حتى العام 2013 كانت من ضمن أحد أهم الأسباب الرئيسية للنمو الاقتصادي في العقد الماضي، والتي جعلت السعودية تتقدم من المركز 27 عالمياً في عام 2003 وتكون في المركز 19 في ترتيب دول العشرين، وهي أحد الأسباب الرئيسية في تضاعف نمو الناتج المحلي وصناعة 1.7 مليون وظيفة. (وهذه النقطة التي ذكرتها شركة ” McKinsey” تؤكد الحقيقة المعروفة التي تقول بأن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي ليست هي المقياس الحقيقي لنمو الاقتصاد، فالمقياس الحقيقي يكون بتسليط الضوء على القطاعات التي ساهمت في تكوين هذه النسبة. فهذه النسبة لا تنظر لتنويع مصادر الدخل، وهو أمر يجب اعتباره لكي لا يكون الناتج المحلي معتمداً على منتج واحد فقط، يرتفع بارتفاعه، ويسقط بسقوط أسعاره.) وكما ذكرت”McKinsey” في تقريرها أنه لا يمكن للاقتصاد السعودي الاعتماد على النفط مستقبلاً في ظل تغير المعطيات العالمية لأسواق الطاقة، والتوجهات الجديدة العالمية في استغلال الطاقة الشمسية. وأنا أضيف أن التقنيات الجديدة والثورة العلمية التي جعلت من النفط محركاً رئيسياً للصناعات في السنوات السابقة، قادرة على أن تأتي بمنتجات جديدة تجعل من النفط مجرد أداة مساهمة هامشية في الصناعات المستقبلية (وربما لا يكون هذا المستقبل بعيد)!
ثانياً: ذكرت الدراسة أنه يجب وفي أسرع وقت تحويل القيادة للقطاع الخاص في قيادة الاقتصاد مستقبلاً، وهو ما يطبق في الدول العالمية المتقدمة التي أدركت أهمية ذلك منذ زمن بعيد. ولهذا التحول إيجابيات كثيرة، منها: أنه في سوق العمل مثلاً، هناك ثلثي الموظفين من المواطنين من يعملون في القطاع الحكومي، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على الإنفاق الحكومي (مليون وظيفة حكومية منها كانت في الفترة ما بين 2003 إلى 2013). بالتالي فإنه ومع تحويل القيادة للقطاع الخاص، سيتم استقطاب الكثير من الموظفين إلى القطاع الخاص ويصنع فرص وظيفية ضخمة تحل مشكلة البطالة، إلى جانب كونه يعزز من تنويع مصادر الدخل، ويزيد من متانة الاقتصاد السعودي. بالإضافة إلى أن هذا التحويل سيعزز أيضاً من كفاءة الإنتاج في القطاع الخاص أيضاً، لا سيما وأن معدل نمو كفاءة الإنتاج في السعودية تًعد متدنية جداً مقارنة بدول العشرين.
ثالثاً: صرفت السعودية مبالغ ضخمة على التعليم في السنوات السابقة، وكان التعليم لوحده يشكل 25% من إجمالي الإنفاق الحكومية في الميزانية، إلا أنه وبالرغم من ذلك سجل مستوى التعليم في السعودية مستوى منخفض جداً، وصنفته شركة “McKinsey” الأمريكية (بالضعيف). فعلى سبيل المثال، ذكرت الدراسة أن مستوى التعليم الجامعي انخفض بنسبة 50%! بينما سجل أطفال المدارس في السعودية درجات ضعيفة مقارنة بأطفال الدول العالمية المتقدمة، إذ سجل الأطفال معدل 398 في اختبارات العلوم التطبيقية والرياضيات، بينما كان المعدل العالمي هو 500، وذكرت أن أي درجة تعتبر تحت 400 يكون تصنيفها (ضعيف).
رابعاً: عدد الوافدين الأجانب كثير جداً في السعودية، فهم يشكلون ثلث عدد السكان، وأغلب هؤلاء الوافدين هم ممن لا يملك المؤهلات العلمية. وهذا العدد الكبير برأيي هو أحد أسباب تدني مستوى جود المشاريع، لا سيما وأن كثير منهم ممن يأتي هنا ليتعلم الحرفة التي أتى من أجلها. وتشير الدراسة أن هذا العدد الكبير من الموظفين الأجانب جنباً إلى جنب مع الاعتماد على النفط يؤثر بشكل سلبي في قراءة بعض البيانات الاقتصادية والتي من أهمها (GDP Per Capita) أو ما يعني نسبة الناتج المحلي لعدد السكان أو في قراءة أخرى الناتج المحلي للفرد. وأضيف للدراسة أن هذا العدد الضخم عامل مساهم في زيادة عدد العاطلين من المواطنين، لا سيما وانه وبحسب الدراسة شكل الأجانب أكثر من نصف عدد القوة العاملة. بالإضافة إلى مساهمتهم في حجم الأموال الضخمة التي يتم تحويلها خارجياً (أو ما يسمى بهروب الأموال). وهو أيضاً مساهم رئيسي في تدني مستوى نمو الإنتاج والذي بلغ 0.8% مقارنة بمعدل دول العشرين الذي بلغ 3.3%، وهو ما يعني أن السعودية أقل من معدل دول العشرين بثلاث أضعاف.
نقطة خروج: التعليم هو أقوى سلاح يمكنك من خلاله تغيير العالم! – نيلسون مانديلا.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734