الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نترقب خلال الأيام القليلة المقبلة، اعلان خطة برنامج التحول الوطني، عن طريق الوزارات والهيئات الحكومية، والذى يُتأمل منه أن يشكل نقلة استراتيجية في مستوى التفكير والتخطيط والعمل، في المملكة العربية السعودية، ويشكل استجابة كبيرة للتحديات الداخلية، التي تواجهها الدولة والمجتمع على حد سواء.
وبما أننا حاليا نواجه فترة من انخفاض اسعار النفط، ولا نعلم كم ستطول، وما يصاحبها من خفض للإنفاق الحكومي، ولأن نشاط قطاع الأعمال لدينا يعتمد بشكل كبير على ذلك الإنفاق، فإن عددا كبيرا من منظمات الأعمال السعودية، تواجه مصاعب في التكيف مع هذه الظروف الإقتصادية، نتيجة لخلل استراتيجي لديها في التخطيط المسبق، ووضع سيناريوهات لمواجهة مثل هذه الظروف، وبعض تلك المنظمات كان تحقيق ارباح بنسبة ما، نتيجة لحجم الأعمال الكبير، يخفي عيوب هيكلية، في طريقة عملها وضعف اداراتها.
نشهد في الفترة الحالية، وجود ميل لدى جزء كبير من منظمات الأعمال، نحو الإتجاه نحو تقليص التكاليف بشكل كبير، كأهم طرق للتكيف مع الظروف الإقتصادية الحالية، وهذا امر ايجابي من ناحية المبدأ.
فتقليص الهدر، والإنفاق غير الضروري، امرين مهمين جدا
لمنظمات الأعمال، وهو احد طرق الحكم على مستوى ادارتها، فالمشكلة هنا ليست في المبدأ.
المشكلة تكون أولا في اعتبار خفض التكاليف، هو السبيل الوحيد للتكيف، وتجاهل العمل على ابتكار واكتشاف طرق لزيادة الأرباح من ناحية، والعمل على رفع مستوى الإنتاجية.
ثم تكون المشكلة ثانيا، وهي الأهم وعنها يتحدث مقالي هذا، تدور حول اعتبار تقليص عدد العاملين عن طريق الإستغناء عن عدد كبير منهم، هي الحل الأول والأسهل والأمثل لخفض التكاليف.
وهذا النمط من التفكير الشائع، ليس خاصا بنا، بل هو ابن اصيل لنموذج التفكير الرأسمالي الغربي، الذى جرد العامل والموظف شيئا فشيئا من بشريته، واصبح ينظر له كمجرد أداة يستخدمها لتعظيم ثروته، تماما كأي اداة يحملها أي منا في حقيبته الشخصية، وقد يتخلص منها بعد أول استخدام، أو امتلاك اداة اخرى تقوم مقامها، دون أدنى تأنيب. وللأسف لدينا من الرأسماليين في ملاك شركاتنا واداراتها التنفيذية، من يفوق أرباب الرأسمالية في بلدانها في هذا النمط من التفكير.
وليس هذا وجه الشبه الوحيد، فنرى مثلا كذلك، أنه في حال تحقيق الشركات للأرباح، فإن المكافآت تنهال على الإدارة التنفيذية، والمناصب العليا، دون نصيب كبير- إن كان لهم نصيب -للموظفين والعاملين- وفي انخفاض الأرباح، أو تحقيق خسائر، فإن التأثير يتجه لصغار العاملين دون المساس بمصالح كبار التنفيذيية عموما.
لكن الرأسمالي الغربي يواجه مؤسسات، تكبح جماحه، وتبقى القضية خاضعة للتدافع بين ملاك منظمات الأعمال والعاملين، عن طريق دفاعها عن حقوق العاملين لديه، كالسلطات الحكومية عن طريق سن الأنظمة والقوانين التي تحمي الحقوق، وتطبيقها بصرامة – غالبا ليس حبا بالعاملين بل لأنها تحتاجهم من اجل اعادة انتخابها – وكذلك هناك الأحزاب والمنظمات الحقوقية، والنقابات العمالية، ومنظمات المجتمع المدني.
ما الذى يمكن العمل عليه في المملكة العربية السعودية من اجل حفظ حقوق الموظفين، في منظمات الأعمال؟
اتحدث بصفة خاصة عن قضية الإستغناء عن العاملين، أو تأثر حقوقهم اتمنى من وزارة التجارة تحديدا، وفي نظام الشركات الجديد، النص صراحة على وجود ممثل للموظفين والعاملين، في مجالس ادارات الشركات، كي يستطيع عبر موقعه، الدفاع عن مصالح زملائه، وتجنب ممارسة الشركات التعسف ضدهم، ولا يكفي التعويل على حسن نوايا تلك المجالس.
كذلك مطلوب الإسراع في اخراج المحاكم العمالية للنور، ووجود قوانين مكتوبة، تستند عليها في اصدار احكامها، مع التشديد على السرعة في اصدار تلك الأحكام.
ايضا سبق وأن اقرت وزارة العمل، حق الموظفين في انشاء لجان عمالية عن طريق الإنتخاب، في الشركات السعودية بشروط معينة، المطلوب إلزام جميع الشركات نظاميا بإنشاء تلك اللجان، وتسهيل عملها، وبأن يكون لها دور مهم، في أي قرار تتخذه ادارة أي منظمة يمس العاملين فيها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال