الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
بحكم أنني مدرس فقد سألت طلابي في مقدمة أحد الدروس هذا الأسبوع “من يرغب منكم إحتراف العمل الحر (التجارة) ؟“ وقد توقعت قبل طرح السؤال أن ترتفع أيادي ٣٠-٤٠٪ من الطلاب على الأقل لأنهم يعيشون في أهم مدينة تجارية في المملكة ، جدة ، ولأن معظمهم منحدرون من أسر تجارية أو لهم علاقة بعوائل تجارية ؛ لكن المفاجأة عقدت لساني عندما رفع طالب واحد فقط في القاعة يده !!!!
والواقع أنني من خلال تتبعي لنجاحات بعض رواد الأعمال من الشباب وجدت معظمهم إتجهو للعمل الحر في حالتين ليس من ضمنها الرغبة المسبقة وأنما كانت خيارا ضمن الخيارات المستقبلية قبل دخول الجامعة ، وأنهم إتجهوا للعمل الحر بعد ذلك : إما لأن أبواب الوظائف أُغلقت في وجههم ، وأكلهم الفراغ والملل ، وطحنت عظامهم البطالة ، فما وجدوا بُداً من طرق باب العمل الحر ؛ حتى إن بعض قصصهم أقرب للخيال منها للواقع ، والنجاحات التي حققوها كانت تحفها المصادفات والإجبار من كل جانب .
والحالة الأخرى التي تدفع الشباب للعمل الحر هي أن يعمل الشاب في مؤسسة حكومية أو خاصة ولا يجد في ذلك العمل ما يحقق طموحه ماديا أو عملياً ، ونتيجة تعرفه على سوق العمل يكتشف أن فرصته الحقيقية في العمل الحر ، لذلك يخطط لترك العمل الوظيفي والتوجه إلى العمل الحر .
عودا على سؤالي أعلاه “من يرغب منكم إحتراف العمل الحر؟ “ وتكون الإجابة بعدم الرغبة من الكل إلا واحد ؛ ثم أسألهم لماذا ؟ فتتململ الإجابات في أفواه الشباب وكأنهم لا يعرفون الإجابة ، وبعد تردد تصلني ثلاثة أسباب ، لا توجد رغبة ، وعمل ثاني لكن ليس الأول ، والتجارة ليس لها مستقبل . الإجابات الثلاث كلها تثبت أن العمل الحر ليس من خيارات المجتمع وليس من ثقافته وليس مما تغرسه الأسر في عقول أبنائها وترغبهم فيه لمستقبلهم ، وهذا برأيي خلل كبير في بناء مستقبل الشباب . وهذا يبرر قبول الشباب السعودي بوظائف مرهقة وذات دخول منخفضة ، وعدم توجههم للعمل الحر الذي يضمن لهم دخلا أكبر من تلك الوظائف بعشرات المرات ، بل إن دخل العمل الحر يفوق معظم الوظائف الحكومية والخاصة وفي أعلى المراتب .
أهمية أن يكون العمل الحر من ضمن خيارات الإبن المستقبلية تختصر عليه الكثير من الجهد والوقت ، من حيث إختيار التخصص المناسب الذي يخدم توجهه التجاري ، وبناء الذات في كل ما يخدم ذلك التوجه ، والأهم من كل ذلك عدم تركه يعيش قلق إنتظار الوظيفة وأن يكون خياره في يده .
كلامي هذه المرة ليس موجها للشباب بل للأباء والأمهات ، تعرفوا على ميول أبناءكم فإن كانت علمية مهنية ولديهم القدرة على التخصصات المطلوبة في سوق العمل كالهندسة والطب والمحاسبة فشجعوهم عليها وأعينوهم على ضغوطها وجهدها ، وستقودهم تلك التخصصات إلى أهدافهم ، ولا تغفلوا خيار العمل الحر إيضا وإن كان بعد حين . أما إن لم تكن لهم توجهات علمية أو ليس لديهم قدرة على تجاوز التخصصات العلمية المهنية فعليكم بتحبيبهم في العمل الحر ففيه تسعة أعشار البركة ، والوطن يحتاجهم هناك .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال