3666 144 055
[email protected]
سياسة الدعم الحكومي كانت إحدى أهم الركائز التي يستفيد منها المواطنون بمختلف شرائحهم سواء الموظف أو رجل الأعمال، وكانت المملكة تقدم بسخاء كثيرا من الدعم لتمكين المواطن من البدء في مشاريعه الشخصية بغرض مواجهة الصعوبات والتعقيدات التي يتطلبها قطاع الأعمال، وتعزيز فرص تمكين المواطن من إدارة المشاريع الكبرى سواء الحكومية أو مشاريعه كقطاع خاص، وهذا الدعم مكن كثيرا من بسطاء التجار في هذه البلاد من أن يكونوا ضمن قائمة الأكثر ثراء سواء على مستوى المنطقة أو في العالم، وأصبح رجال الأعمال في المملكة يستحوذون على معظم الأنشطة الكبرى في السوق المحلية والأبرز على مستوى المنطقة ولدى كثير منهم استثمارات كبرى على مستوى العالم.
أما فيما يتعلق بالدعم الذي يستفيد منه المواطن فقد شمل مجموعة من البرامج التي تتعلق بالإسكان وأسعار الخدمات إضافة إلى عدم فرض الضريبة على المواطن، ما جعل الأسعار لكثير من السلع والخدمات جيدة ومناسبة للمواطن، في ظل ارتفاع أسعار جزء كبير منها في البلاد المصدرة لها، خصوصا في أوروبا وأمريكا الشمالية.
سياسة الدعم لا شك أنها مكلفة ومرهقة لميزانية المؤسسة الحكومية فهي تكلف الكثير مقارنة بتكلفة الخدمات مثل الصحة والتعليم وغيرهما، ومع وجود متغيرات في الاقتصاد في المملكة أصبح الشكل السابق للدعم الحكومي مكلفا ولا يذهب بصورة مباشرة أو غير مباشرة للمستحقين بل أصبح يستفيد منه كثير من قطاعات الأعمال التي تعتبر أقل حاجة إلى ذلك الدعم في ظل وجود حاجة أكبر لأفراد آخرين من المجتمع، إضافة إلى تأثير ذلك في حصة خدمات مهمة مثل التعليم والصحة ومشاريع البنية التحتية من الدعم الحكومي.
في لقاء مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بخصوص الدعم الحكومي أشار في لقاء نقلت “العربية نت” جزءا منه إلى “أن المملكة ستحد من تأثير خفض الدعم على مواطنيها بما أن أكبر مصدر للنفط في العالم يقوم بإصلاح اقتصاده لمرحلة ما بعد النفط. وأكد أن الحكومة تقوم بوضع آلية لتوفير النقد لذوي الدخلين المحدود والمتوسط من السعوديين الذين يعتمدون على الدعم. وأضاف، نحن لا نريد تغيير حياة المواطن السعودي العادي”.
فمن الواضح أن الدعم الحكومي سيكون مرتبطا بالحد المناسب لما يحتاج إليه المواطن ليتم تجنب ذهاب الدعم للمواطن الذي يستفيد من الدعم وينفقه بصورة مبالغ فيها أو ذهاب الدعم بصورة كبيرة للأثرياء الذين يستهلكون الدعم سواء لأغراض تجارية أو لاستخدامهم الشخصي بصورة كبيرة، كما أنه يحد من حالة الهدر التي يمكن أن يكون أحد أسبابها انخفاض تكلفة الهدر مقابل ما يدفعه المواطن مقابل ما ينبغي أن يتخذه المواطن من إجراءات للحد من ذلك الهدر.
من المتغيرات التي يعيشها الاقتصاد الوطني اليوم الانفتاح بصورة كبيرة على الاستثمار الأجنبي، فرغم ما يحظى به القطاع الخاص المحلي من اهتمام فإن الدعم المادي المباشر أو غير المباشر لن تختص به الشركات المحلية بل ستكون الاستفادة منه مشتركة ولذلك من المهم تقليص هذا الدعم مع الأخذ في الاعتبار أن دعم القطاع الخاص المحلي ومبادرات الشباب في قطاع الأعمال مهم جدا في هذه المرحلة في ظل الاهتمام بتنوع مصادر الدخل وتوفير فرص الكسب للقوى العاملة الوطنية.
مما أشار إليه ولي ولي العهد أن الحكومة تقوم بوضع آلية لتوفير النقد لذوي الدخلين المحدود والمتوسط من المواطنين، ولعل العمل على إعادة النظر في نظام الوظائف الحكومية الذي يمنع ممارسة المواطن أي نشاط تجاري يمكن أن يكون إحدى المسائل التي قد يتم النظر فيها لتمكين الموظفين من إيجاد مصادر إضافية للدخل في أنشطة مناسبة لا تؤثر في التزامهم بمهامهم الوظيفية، خصوصا مع زيادة الأعباء المادية للأسر السعودية، وقد يكون في هذا الإجراء تقليل للاعتماد على القوى العاملة الأجنبية، وتشجيع المواطن على الحصول على دخل مقابل عمل قد يكون له أثر في زيادة إنتاجيته والانشغال أكثر بما يخدم الاقتصاد الوطني.
فالخلاصة: أن التوجه الحكومي لتوجيه الدعم للمستحق بصورة أكبر وزيادة كفاءة الدعم سيكون له أثر جيد في استدامة الموارد وتنويع مصادر الدخل وتعويض متوسطي ومحدودي الدخل من خلال مصادر قد تعالج التكلفة التي يتكبدونها بسبب الارتفاع في تكلفة الخدمات والسلع، ولعل النظر في تشجيع المواطن على إيجاد مصادر إضافية للدخل قد يكون له أثر إيجابي في تخفيف الأعباء المالية عليه، إضافة إلى الإسهام في زيادة إنتاجية المواطن وتخفيف الاعتماد على القوى العاملة الأجنبية، التي ستنعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734