الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مدير تطوير أعمال الطاقة الشمسية في شركة عالمية
ولاية أريزونا – الولايات المتحدة
binsharidah1@
في الوقت الذي تتصارع فيه الدول العظمى والمنتجة للنفط على إرجاع أسعار النفط لمستوياتها السابقة وتعزيز حصصها واقتصادياتها المفقودة في السوق العالمي، نجد أن المملكة العربية السعودية حفظها الله تقف شامخة بين كبريات دول العالم لتضع خطتها ورؤيتها الإستراتيجية العميقة والجليّة لمراحل مابعد النفط، والتي ستقودها بخطى ثابتة نحو الرقي والإزدهار.
وتعد هذه الحقبة الزمنية التي نمر بها حقبة مليئة بالمتغيرات والتداعيات؛ من أهمها أنهيار أسعار النفط التي انخفضت إلى حوالي %70 عن أسعارها في عام 2014م وهي بذلك تكون مؤثرة وضاغطة على اقتصاد الدولة، مما أدى إلى تدارك الموقف بصورة حكيمة من قبل قيادة المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وأدامه عز لهذا الوطن المعطاء، حيث صرّح بذلك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، في لقاءه الشهير مع وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية عن أطلاق #رؤية_السعودية_2030 والتي تحوي في جعبتها الكثير من الرؤى الجوهرية التي ستحول المملكة من دولة تعتمد على عائدات النفط إلى دولة يقوم اقتصادها على استثمارات غير نفطية.
ومن داخل هذا التحوّل الإستراتيجي المرتقب أُريد أن اشير إلى أمر مهم جداً وهو يتوافق كثيراً مع #رؤية_السعودية_2030. على المستوى العالمي تعتبر حصة الوقود الأحفوري النسبية في مزيج الطاقة في العالم قد أخذت في الانخفاض، وسوف تستمر في الانكماش طوال القرن الـ 21 الميلادي. وهذا هو مصير أي مصدر للطاقة في العالم، حيث تبدأ من نقطة الصفر حتى تصل إلى القمة؛ ومن ثم تبدأ في الإنحدار عندها يكون قد إنفتح باباً جديداً لمصادر وتكنولوجيات آخرى تسعى لأن تتصدر المشهد العالمي وأن تشق طريقها في الصعود إلى القمة. فكل شيء في هذه الحياة له نصيب من الازدهار والكساد.
نحن عندما نتكلم عن تنوع الاقتصاد والاستثمارات الغير نفطية فيجب أن لا نتجاهل التنوع في مصادر الطاقة سواء من الجانب الاستهلاكي أو حتى الاستثماري، وهنا اشير إلى خطة ورؤية المملكة في استخدام الطاقة المتجددة التي تم الكشف عنها في الأعوام السابقة وهو (إنتاج ما يقارب 54GW من الطاقة المتجددة في عام 2032م، بنحو 108 مليارات دولار)، فكلنا نعلم أن الطلب على النفط حتى وقتنا هذا قد وصل إلى 94.82 مليون برميل يومياً، وهو في طريقه لخسارة حصته في مزيج الطاقة في العالم على نحو تدريجي. فأعتقد أنه من الواجب الآن أن يتم الشروع في إتمام خطة الطاقة المتجددة تماشياً مع سياسية ورؤية المملكة الجديدة والتي بكل تأكيد ستساهم في تعزيز كفاءة الاقتصاد وخلق استثمارات جديدة وفرص وظيفية هائلة.
بالتأكيد أن الطلب على الطاقة لن يقل أو يتراجع، بل بالعكس هو في إزدياد كبير. لكن وصف السوق العالمي قد يتغير في المرحلة القادمة وستنتقل أغلب المهام والطلبات إلى المصادر المنافسة، وهذا من شأنه أن يحدث طفرة إيجابية كبيرة ومغايرة في نسب الطلب على الطاقة المتجددة؛ والذي سيحدث تحسين في تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة والسيارات الكهربائية أضعافاً مضاعفة، مع خلق نماذج أعمال جديدة وإبتكارات في المنتجات والتي بكل تأكيد ستعرقل صناعة الطاقة التقليدية.
فالذي يجب أن نعلمه جميعا ونأكد عليه هو أنه عندما تصبح الطاقة المتجددة أقل تكلفة، وأكثر ملاءمة، وعلى الأقل يمكن الاعتماد عليها مثل الوقود الأحفوري، سوف تحل محله بكل تأكيد، وهذا ليس ببعيد عنّا، فالمرحلة الآن هي مرحلة تدرّج. أيضا لا يهم ما تفعله شركات النفط حاليا والدور الذي تلعبه اليوم على المستوى العالمي، فالذين يأملون في البقاء على قيد الحياة والمنافسة في القرن الحالي وما بعده، سوف يحتاجون إلى التكيّف ووضع استراتيجيات جذرية تتماشى مع التيار وليس عكسه. وهذا ما نأمله من خلال تحويل شركة “أرامكو” السعودية من شركة تختص بالنفط فقط إلى شركة للطاقة والكتل الصناعية والتي ستخدم #رؤية_السعودية_2030 لمرحلة مابعد النفط والتي من الأجدر أن تستحوذ بذلك على قطاع الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية والتوسع به خارجياً.
في الحقيقة وعلى المستوى العالمي، إن التحول إلى الطاقة المتجددة سيكون عملياً أسهل إذا لعبت شركات النفط دورا قيادياً فيه. فهم لديهم القدرة التنظيمية ومهارات التسويق، ومختبرات البحوث وشبكات التوزيع وسهولة الوصول إلى النسب العالمية المطلوبة، بالتأكيد هم الجهة المناسبة للقيام بهذه العملية. ولكن الإستثمارات المفرطة في الوقود الإحفوري بما في ذلك النفط قد تسلك طرقاً تؤدي في نهايتها إلى الإفلاس، وهذا ما شهدناه مؤخراً في بعض شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة، فبعد أن إنهارت أسعار النفط إلى ما يقارب الـ 70% أصبحت تلك الشركات غير قادرة على المنافسة فاختارت أن تغلق منشآتها وتخرج من السوق وتسّرح موظفينها الذي بلغ عددهم حوالي 250 ألف موظف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال