3666 144 055
[email protected]
محلل مالي واقتصادي
Economy_Affairs@
لعل أكثر ما كان يهمني في رؤية 2030 هو موضوع تفعيل الجهات الرقابية الذي سيتزامن مع انطلاق الرؤية الاستراتيجية للدولة، والذي قلت عنه في آخر مقال لي قبل إعلان الرؤية: “الجهات الرقابية أمر ضروري وحتمي، فلدينا الثروات وكثيراً من الأحيان الرؤى والاستراتيجيات، لكن الواقع يبدد كل هذه الثروات. فإن كان المال والخطط جناح، فالرقابة هي الجناح الثاني، وبدونها لن تقلع طائرة التنمية!”
إن إنشاء (مكاتب لإدارة المشاريع) في تنفيذ الخطط الوزارية والحكومية، سواءً كانت خمسية أو عشرية أو حتى استراتيجية طويلة المدى هو أحد أدوات الرقابة الناجحة في تقييم وتطوير ومتابعة المشاريع التنموية، فضلاً عن غيرها من مهام مكاتب إدارة المشاريع التي تعنى بإدارة المخاطر، ودراسة التكلفة (ومتابعتها) وهو ما سيساهم في كفاءة الإنفاق، بالذات في ظل هبوط أسعار النفط. ومن ضمن المهام إدارة الوقت، وهو عامل مهم، لا سيما مع اعتبار تناقص القيمة المستقبلية للنقود (Time Value of Money)، ناهيك عن المهام الأخرى التي لا تقل أهمية، كإدارة الجودة مثلاً.
إدارة المشاريع هو علم متخصص بات يُدرّس في الجامعات العالمية، وقد تم تطوير هذا العلم إيماناً من دول العالم المتقدمة بأهميته في تنفيذ المشاريع، سواء كانت الخاصة، أو الحكومية. وهناك الآن شهادات عالمية تًعطى بعد تقديم دورات احترافية في هذا المجال تحت اسم (Project Management Professional)، بل أن بعض الوظائف في القطاع الخاص تتطلب وجود هذه الشهادة من ضمن مؤهلات المتقدم لهذه الوظائف، وهو ما يعكس اهتمام القطاع الخاص، والبيئات الاحترافية، في مجال إدارة المشاريع لأهميتها الاقتصادية والإدارية.
أخيراً، تفعيل دور الرقابة سيساهم في زيادة كفاءة الإنفاق، والحد من الهدر المالي الضخم، والذي أشار له عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الأستاذ محمد آل الشيخ في لقائه مع (Bloomberg) عندما قال أن هناك 80 إلى 100 مليار دولار سنوياً لا يتم الاستفادة منها! فهذا الهدر يمكن الاستفادة منه في (مضاعفة الاستثمارات)، بدلاً من تضييعها، لا سيما وأننا نتكلم هنا عن مبالغ ضخمة جدا، وهي ما يقارب 375 مليار ريال، والتي تساوي أكثر من إيرادات الدولة الغير نفطية للعام 2015 بفارق 50 مليار ريال! وهي أيضاً أكثر من العجز المُعلن للميزانية الأخيرة بفارق 50 مليار! ولأهمية ذلك في الاقتصاد، فإن دراسة “McKenzie” هي الأخرى أشارت إلى ذلك في تقريرها عن الاقتصاد السعودي، والذي قالت فيه بأن هناك كثير من المشاريع تُصرف فيها مبالغ ضخمة على الـ (البريستيج -Prestige)، ويُنسى فيها الأهم وهو المضمون الذي من أجله أنشئ هذا المشروع. نعم، قد يستغرب البعض، ولكن هي قالت ذلك (نصاً) في تقريرها عن الاقتصاد. (وربما لو تأخرت دراسة “McKenzie” لموسم الأمطار لتوسعت دراستها في هذه النقطة أكثر)!
ومن أحد أهم البرامج، الذي لطالما طالب بها الكثير، هي مؤشرات قياس الأداء للمسؤولين والوزراء، او ما يعرف بالـ (KPIs). ولا يخفى على الكثير أهمية ذلك في رفع مستوى كفاءة الوزارات، والمراجعة الدورية لأدائها، والوقوف على آخر المستجدات والتطورات، وتحسين مستوى الخدمات. إن هذه المؤشرات بالإضافة إلى وجود مجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية يُعد بمثابة مجلس الإدارة للوزارات، يمكن الوزراء من مشاركة أعمالهم وخططهم ليكون العمل أكثر جماعية وتنظيم فعالية وشفافية.
نقطة خروج: توقعت شركة (Price Water House Coopers, PwC) أن نيجيريا إن استمرت كما هي عليه، ولم تحارب الفساد، فستفقد في عام 2030 ما يقارب 37% من إجمالي الناتج المحلي لها!
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734