3666 144 055
[email protected]
باحث دكتواره في مجال هندسة أنظمة القوى والطاقة – أدنبره البريطانية
استولت رؤية المملكة المطروحة على اهتمام الكثير من وسائل الإعلام الداخلية والخارجية وأدلى كثير من المحللين في الغرب والشرق بدلائهم تجاه الرؤية، وهذا أمر جميلٌ جداً لأنه متى توقف الجميع عن النقاش حولك فإن هذا يعني أنك أقرب للجمود من الحياة. الأمر الآخر في النقاش والتحليل حول ما يطرح هو أن المنتقد سيدفعك للتحقق مما تفعل وتحريضك على الإتقان، وأما المتفق فإنه يمنحك المزيد من الثقة ويعمل معك لتحقيق هذه الرؤية.
تعتبر المملكة دولة محترمة ورائدة في مجال الطاقة إذ تمد العالم بمصدر حياتي ساهم في ازدهار وتقدم الكثير من الدول وجعل حياة الشعوب أكثر سهولة ورفاهية. منذ البدايات لم تكن الطاقة إلا كالماء والهواء للبشر حتى أصبحت اليوم سبباً في نشوب الحروب وتنافس الدول العظمى بالسيطرة على المزيد من مصادر الطاقة لتأمين احتياجاتها. لذلك اعتقد أن الطاقة بالنسبة للرؤية يجب أن تكون مرتكزاً يُحافظ عليه لتبقى المملكة لاعباً أساسياً يمد العالم باحتياجاته في هذا المجال.
لقد شرع العالم منذ زمن في البحث عن بديل للمصدر الذي نوفره؛ لأنه لا يشعر بالاطمئنان والثقة وهو يستورد مصادر طاقته من الخارج، فهناك كثير من المقررات تدرّس الآن وكثير من الأبحاث تدار في مجال أمن الطاقة، ومثله مثل الأمن الغذائي والمائي بل ربما أكثر أهمية فبدونه لا تتمصناعة الغذاء والماء. أخذ العالم اليوم خطوات جريئة نحو الطاقة المتجددة بكل أشكالها، وفي خضم هذه الدراسات والأبحاث خرج النفط الصخري وهو ثورة الطاقة في هذا القرن كما يرى الكثير من الباحثين الغربيين في مجال الطاقة.بناء على ما سبق أريد أن أتحدث عن شيئين: على ماذا اشتملت الرؤية في مجال الطاقة وكيف يمكن أن نحافظ على وجودنا كلاعب أساسي في مجال الطاقة.
شملت الرؤية جوانب مميزة في مجال الطاقة وذلك بإنشاء سوق للطاقة وإضافة عدد 9,5 (جيجا وات) من مصادر طاقة متجددة كالطاقة الشمسية والرياح. بالإضافة إلى العمل على البحث والتطوير والصناعة ونتمنى أن تشمل مصانع للسيلكون والتي يتم عن طريقها صنع الخلايا الشمسية. أيضاَ سيتم العمل على التشريعات وتحرير سوق الطاقة بما سيدفع بالقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.
وفي هذا الصدد نحتاج الحديث عن شركة الكهرباء لأن الطاقة المتجددة تزدهر بالتشريعات التي تسمح للسكان بربط إنتاجهم بالشبكة. رغم أن لدى شركة الكهرباء خطة تحول ضمن برنامج التحول إلا أنني لا أعتقد أن أمر الربط وارد ولو في الرؤية وإن كان الاعتقاد صحيحاً فإن هذا سيجعل لدينا نوكيا أخرى في عام 2030.
تضمنت الرؤية مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة بينما لدينا مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وقد صرف عليها مبالغ طائلة وهي شبه حائرة في السنوات القليلة الماضية ولكن نتوقع أن تعمل المبادرتان تحت مظلة واحدة. الشيء الأساسي الذي لا بد من ذكره هنا هو أنه لا يوجد حتى الآن مشرّع ومصدر مسؤول عن مجال الطاقة، فما يجري هو تعاون بين أكثر من جهة. لدينا مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ولديها مركز كفاءة الطاقة، ووزارة البترول والثروة والمعدنية، ووزارة الكهرباء والمياه وهيئة تنظيم الكهرباء؛ كل هؤلاء يعملون في مجال الطاقة ولكن في الغالب ليس لديهم رؤية أو تشريعات مشتركة. لا بد أن يكون هناك جهة مسؤولة وممثل رئيسي ولا يمنع أن تكون وزارة مستقلة تتابع الإنتاج والاستهلاك، وتعمل التشريعات المناسبة، وإعداد الإحصائيات والدراسات، لجعل هذا الجانب أكثر كفاءة ووضوحاَ.
ذكرنا بالأعلى أن العالم انخراط في البحث عن بدائل، واليوم نستطيع أن نرى وجود هذه البدائل بشكل واضح في النظام الكهربائي لهذه الدول. تُعد الهند لخطة طموحة جداً بإضافة 100 (جيجا وات) من الطاقة الشمسية حتى عام 2022 ورغم التشكيك بهذا إلا أن الهدف من الإشارة إليها حتى نستوعب أنه هذه البدائل أصبحت أهداف معلنة. الصين يُتوقع أن تضيف 12 (جيجا وات) من الطاقة الشمسية في النصف الأول من هذه السنة. أمريكا وبريطانيا معجبتان بالنفط الصخري والأخيرة خفضت من التوجه للطاقة الشمسية واتجهت للصخري رغم أن خطة الحكومة كانت معدة للعمل على الطاقة المتجددة.
إذن، لمواكبة العالم في المجال الذي نتمنى الاستمرار أن نكون من رواده فلا بد من العمل في المصادر الجديدة إضافة إلى تطوير تقنيات مصدرنا التقليدي وذلك بالاستحواذ والاستثمار في الشركات التي تعمل في المجال وخصوصاً التي تصنع التقنيات والآلات في مجال الطاقة لأنها من يحدد التوجهات المستقبلية للطاقة.
الطاقة المتجددة وثورة النفط الصخري واقع لا بد من تهيئة الظروف للتعامل معه، والعمل فيهما بشركات سعودية، وهناك شركة (أكوا باور) وهي بالمناسبة نموذج مشرف وجميل نفذت ولاتزال تنفذ بعض المشاريع في المغرب والإمارات ونتمنى استنساخه. إضافة مصادر الطاقة المتجددة إلى مزيج الطاقة في المملكة أمرٌ حسن ولكن لضمان البقاء في عالم الطاقة فذلك يتطلب الكثير من العمل على تطوير تقنياته محلياً. بالتأكيد هناك الكثير من التفاصيل في طور الإعداد ربما شملت ما تحدثنا عنه هنا، وفي كل الأحوال نحن ننظر إلى المستقبل بشغف وطموح وتفاؤل لتكون المملكة الأفضل على جميع الصعد.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734