3666 144 055
[email protected]
نعم . عملت مسح سطحي وجدت على أثره ان القليل قرأ هذه الوثيقة المهمة . بعد عدة خطط خمسية وخطة النقلة الاقتصادية في 2006 هناك انهاك معنوي من سماع النوايا ولكن دون تغيير نوعي على الارض، ولذلك لم يقرأها الكثير. تاريخيا ما قامت به الحكومة في العقود القليلة الماضية ليس قليل ولكنه يصب في الرفاة الغير منظم اكثر منه تنمية مبرمجة واقتصاد حديث.
قرات الرؤية المكونه من 41 صفحه بما في ذلك مقدمه سمو الامير محمد بن سلمان بصفته رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كما نشرتها وكالة الانباء السعودية. اول انطباع وصلني انها محاولة سامية ونبيلة ولكنها قائمة رغبات ومزيج من عدة منطلقات . فهي ليست خطة خمسية او عشرية وليست برامج عملية (سوف تعلن البرامج) وليست رؤية كما هو متعارف عليها لدى الشركات والمنظمات المختلفة وليست ورقة استراتيجية .
هذا المزيج بين النوايا والبرامج والمرونة والمرتكزات جعلني ابحث عما يذكره الكثير من المراقبين : الذي لا يقال احيانا اهم من الذي يقال . تحديد مساحه هذة الوثيقة يخضع لحدود هذه المقولة الأزلية.
وبالرغم من الاشارة الى الأبعاد الجيو استراتيجة والمرتكزات الثقافية والى حد اقل الاجتماعية الا ان لب الوثيقة اقتصادي النزعة. في وثيقة “رؤية ” من هذا النوع تجد درجة عالية في تحديد اهداف اقتصادية، فمثلا ذكرت ان مساهمة قطاع التعدين سوف تصل الى 97 مليار ريال من الناتج القومي الاجمالي، و ذكرت هدف اضافة 9.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة كمرحلة اولى لعام 2030، وذكرت رفع نسبة الاستثمارات الاجنبية المباشرة من 3.8 الى 5.7 من الناتج القومي، والوصول بمساهمة القطاع الخاص من 40% الى 65 %, واهداف اخرى في قطاع الاسكان والبطالة والمؤسسات الصغيرة و غيرها.
بدا ان هناك محاولة التحرك من الرفاة الى الانتاج ولكن دون تصريح وتوجه مؤثر، بالرغم من الالتزام بأهداف محددة في وثيقة من هذا النوع الشمولي الا انها أغفلت بعض النواحي المهمة .
لفت نظري عدة نواحي لم أجدها في الوثيقة . فمثلا لم اجد ذكر للنواحي المؤسساتية بالرغم من العلاقة الوثيقة مع حيثيات ما تهدف الى تحقيقه . كما ان الوثيقة لم تتحدث عن مراكز فكرية او بحثية ، فلم تذكر مثلا الحاجة الى “أكاديمية علوم سعودية” بالرغم من مركزية الفكر والبحث في تغيير وطني من هذا النوع والدرجة من ناحية وبالقياس على اهمية المملكة من ناحية اخرى خاصة في ظل التشديد على المرتكزات الجيو استراتيجية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
المراكز الفكرية ضرورة للاستشراف وتتماشى مع طبيعة الاهداف والمرونة التي ذكرتها الوثيقة . كما ان الرقابة والتقييم والشفافية تتطلب رأي اخر اقرب الى الحياد الفكري . احد الاشياء التي تكررت وخاصة الرقابية قد تشير الى تنامي حجم الجهاز الحكومي الى حد ارتفاع تكاليفة . لفت نظري أيضاً الالتزام الذي ذكرته الوثيقة بعدم إقرار على المواطن اي ضرائب دخل او ثروة او سلع وهذا يحمل تناقض مع الاقتصاديات الحديثة التي تقوم على الضرائب في المدى المتوسط و البعيد، ولكن الوثيقة عوضت عن ذلك بذكر الرسوم في اكثر من مناسبة ولكن هناك استحقاقات اقتصادية و مالية مختلفة .
أخيرا و لعلها من اهم النواحي ان الوثيقة تلمح الى استمرار سياسة الاستقدام وهذا يتضمن مخاطر وتوجهات وزارة العمل منذ خمس سنوات على الاقل، قد لم تعطى تفكير كافي في المؤامة بين الرغبة في تفعيل إنتاجية المواطن وسياسة الدعم وتكلفة ادارة الدولة. في الاخير يبدو ان الوثيقة استمرت في عدم التفريق بين النمو العضوي للاقتصاد وحالة التوسع التي وجدتها بحكم السياسات الماضية .
هناك عدة ملاحظات اخرى لابد من التنوية لها . يبدوا ان الوثيقة تهدف مرحليا الى 2020 وأخيرا الى 2030 , المدى المرحلي قصير قياسا على الانجاز الحكومي ، فمثلا وعدت الحكومة بالرسم على الاراضي ولكن التسجيل العيني الحاسم الدور لازال في طور الاعداد منذ سنوات . ذكرت الوثيقة الرسوم على الاراضي و التي اعتبرها حاسمة في تغيير أرضية الاقتصاد الوطني ولكنها لم تلتزم بنسب او بتوقيت واضح . المدى المرحلي قصير قياسا على بعض النواحي والمدى الطويل أيضاً قصير قياسا على “تحويل” اقتصاد المملكة ولكنه طويل على ما تواجهه المملكه من ضغوطات اقتصادية وتباطؤ بدا واضحا تفهمه من قبل الامير محمد بن سلمان .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734