3666 144 055
[email protected]
السياحة هي أحد أهم روافد الاقتصاد لكثير من دول العالم، فكما هو معلوم أن من مظاهر الاهتمام الذي يحظى به هذا القطاع في بعض الدول في العالم إنشاء وزارة متخصصة بالسياحة تهدف إلى تنظيم هذا القطاع وجعله جذابا لاستقطاب مجموعة من الأفراد إلى ذلك البلد والاستفادة مما ينفقه السائح سواء على السكن أو الترفيه أو التنقلات أو شراء السلع أو الاستفادة من الخدمات عموما، وتمثل السياحة مصدر دخل جيدا لكثير من الأفراد في تلك البلاد، إضافة إلى أنها تنعكس بصورة إيجابية على تحسن في الخدمات والبنية التحتية إذ ما يتحقق من دخل من خلال هذا النشاط يعود بصورة إيجابية على المشاريع في البنى التحتية وغيرها ولذلك تجد أن بعض البلدان التي لا تعتبر ذات اقتصاد قوي لديها مقدرات سياحية تهتم بهذه المناطق بصورة خاصة بما يمكنها من زيادة مستوى الدخل وتوفير فرص وظيفية لمواطنيها.
الحقيقة أن رؤية المملكة لم تستثن هذا المجال من رؤيتها لشكل المملكة في عام 2030، إذ إن المملكة تسعى إلى تسجيل ضعف عدد الآثار المسجلة حاليا لدى “اليونسكو”، ولديها خطة لبناء أكبر متحف إسلامي في العالم إضافة إلى تهيئة البلاد لاستقبال أعداد أكبر من المعتمرين في العام ليصل إلى 30 مليونا بدلا من ثمانية ملايين حاليا، كما أنها ستكون أكثر انفتاحا على أشكال متعددة من السياحة سواء سياحة الأعمال أو السياحة العائلية في إطار قيمنا وثقافتنا.
الرؤية كانت أكثر واقعية حيث إنها لم تتحدث كثيرا عن السياحة الداخلية بل إنها أكثر دقة، حيث إنها تسعى إلى زيادة الإنفاق على الترفيه داخليا من 2.9 في المائة إلى 6 في المائة، إذ إن طبيعة حياة الإنسان تميل إلى التغيير والسائح من المواطنين ليس هدفا للسياحة في المملكة، إذ إنه غالبا سيميل إلى السفر للخارج ما دام أن لديه الإمكانات، وهذا هو حال السائح الأوروبي الذي تستقبل بلاده الملايين من السياح ويسافر إلى شرق آسيا ليقضي شكلا مختلفا من الأنشطة التي تكون مختلفة عما هو موجود في بلاده، ولذلك تجد مثلا أن كثيرا من الخليجيين يقضون الصيف في بريطانيا في حين أن كثيرا من البريطانيين يسافرون إلى دبي للغرض نفسه وهو السياحة، فالسائح في كثير من الأحيان يبحث عن أشياء مختلفة.
لا شك أن المملكة بتنوعها الثقافي والجغرافي وطبيعة الحياة فيها ستكون محل اهتمام كثير من السياح باختلاف أهدافهم، حيث إن المملكة بيئة محافظة فيها مجال لأنشطة مختلفة في حال ما إذ تمت الاستفادة منها وتطويرها بصورة مناسبة، إضافة إلى أن المشاريع العملاقة في النقل والخدمات ستكون رافدا لهذا القطاع فالكثير من الأسر تميل إلى المناطق المحافظة سعيا إلى الاستمتاع بصورة أكبر دون قلق أو عوائق فيما يتعلق بفرص الاستمتاع التي يمكن أن يمارسوها مثل الاستمتاع بالشواطئ في بيئة محافظة، كما أن قاصدي البيت الحرام ومسجد رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ سيجدون متعة في زيارة مجموعة من المدن والمناطق والاحتكاك الثقافي بأبناء المملكة، إضافة إلى قضاء الوقت في زيارة مجموعة من الآثار التاريخية النادرة التي تحتضنها المملكة والتي تنطق عن تاريخ عريق لهذا الكائن البشري، خصوصا أن كثيرا من المسلمين سيكونون أكثر حرصا على مشاهدة صور حية لواقع المكان والصورة التي يقرأ عنها في كتاب أو ما سمعه من خلال كلمة.
هذا القطاع يحتاج إلى كثير من الأمور التي تعيد هيكلته، حيث يكون أكثر فاعلية سواء بالعناية بالمواقع المناسبة للسياحة سواء كانت شواطئ أو مواقع أثرية أو مواقع ذات مناظر جمالية أو المدن الكبرى التي بها المراكز الكبرى للتسوق أو حتى من الممكن النظر في إمكانية وجود مناطق مناسبة لما يسمى السياحة الصحية، كما من المهم العناية بتطوير الكفاءات خصوصا في تقديم الخدمات عموما أو من خلال التوسع في تعليم اللغات الأجنبية خصوصا الجنسيات التي يتوقع أن تكون أكثر إقبالا على السياحة في المملكة، كما أنه من المهم العناية بوجود أدلة ومراكز المعلومات للسائح، والمملكة لها تجربة ثرية في تقديم هذه الخدمات على مستوى الحج والعمرة، فيمكن الاستفادة من هذه التجربة.
فالخلاصة أن المملكة لديها مقدرات سياحية والمهم العناية بالسائح الأجنبي الذي يبحث عن بيئة محافظة باعتبار أن التركيز على السائح المواطن غير مجد لأن طبيعة البشر تميل إلى التغيير مهما كان لدى المكان الذي تقيم فيه من مقدرات جاذبة في هذا المجال، والذين يفضلون السياحة الداخلية سيستفيدون تلقائيا مما يقدم بصورة عامة.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734