الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
A_ArRasheed@
أُعلنت قبل أيام رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بعد اعتماد مجلس الوزراء لها، فتلقاها المواطنون والمهتمون في أنحاء العالم بشكل يغلب عليه طابع التفاؤل من باب أن مجرد صياغة رؤية مستقبلية للمملكة يعد تطورا وتغييرا نحو الأفضل في مجال حوكمة السياسة الاقتصادية للمملكة. كما تلقاها البعض بشيء من التشكيك في مضمونها من حيث اكتماله وشموله من جهة، ومن حيث إمكانية تحقيقها بالأدوات والتنظيمات القائمة والتي أخفقت عبر عقود من الزمن في تحقيق مشاريع وأهداف معتمدة تشبه إلى حد كبير الأهداف التي تضمنتها رؤية 2030.
بل أخفقت في أحيان كثيرة في إنجاز مشاريع محددة أقل في متطلبات إنجازها من رؤية 2030، فكيف ستتمكن تلك الأدوات والتنظيمات والهياكل التنفيذية من إنجاز رؤية بهذا الحجم من التغيير وهذا المستوى من الطموح.
وأؤكد هنا على أهمية استمرار النقاش حول الرؤية ونقدها وتقويمها، والسعي لمعرفة أسباب إخفاق تجارب التحول عالميا ومحليا لتجنب الوقوع فيها ومعالجتها، وأخص في هذا المقال أحد المرتكزات الرئيسة للاقتصاد السعودي منذ عشرات السنين، ولكنه غاب كمرتكز لهذا الاقتصاد في رؤية 2030، وهو النفط، فالرؤية لا تعد النفط واحدا من مرتكزات الاقتصاد السعودي، بل تضمنت توجها جريئا غير مسبوق للتخلي عنه كمصدر للدخل والانتقال بالاقتصاد إلى عصر ما بعد النفط.
والمتابع للسياسة السعودية النفطية في السنوات الماضية يلاحظ أنها ومن قبل انهيار أسعار النفط كانت تستهدف وبشكل واضح ومعلن المحافظة على الحصة السوقية، فقد كانت المملكة تبيع النفط في آسيا وأمريكا بأسعار أقل من سعر السوق في حينه لتضمن إبقاء حصتها في تلك الأسواق أو زيادتها. وهذه السياسة لا يمكن تصنيفها كسياسة قصيرة المدى فهي لا يمكن أن تكون إلا طويلة الأجل. فالمحافظة على الحصة السوقية والتخلي عن السعر الأعلى تعني تقديم المكاسب الآجلةعلى المكاسب العاجلة.
وعند مقارنة هذه السياسة النفطية المستمرة حتى الآن مع رؤية المملكة 2030 تجد تعارضا بين أهدافهما في مجال النفط، فالمحافظة على الحصة السوقية تعني ضمنيا الرغبة في استمرار الاعتماد على النفط، في حين تصرح الرؤية في توجهها لتحقيق عكس ذلك تماما.
وهنا لا بد من وقفة مراجعة لعلاقة سياستنا النفطية برؤيتنا لعام 2030، وذلك بتبنى سياسة جديدة تتوافق مع أهداف الرؤية، وقد يكون ذلكعلى سبيل المثال من خلال تحقيق مكاسب نفطية قصيرة الأجل تُحَوّلُمداخيلها للإنفاق على برامج ومشاريع التحول الوطني لتحقيق الرؤية، ومن ذلك التخلي عن استهداف المحافظة على الحصة السوقة، وتقليل الإنتاج لرفع أسعار البترول.
وإن كانت لهذه السياسة القائمة مبررات أخرى (قد تكون سياسية) غير المحافظة على الحصة السوقية فإنه لا بد من أخذ هذا في الحسبان في صياغة الرؤية لأنها لن تتحقق بهذه السياسة فالنفط يستنزف وإيراداته منخفضة، وإن كان الاستنزاف السريع يتوافق مع الرغبة في التخلي عنه، فإن انخفاض الإيرادات يعني ضعف القدرة على تمويل برامج التحول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال