الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
(الغِلِفْ) كما يسميها أهل الباحة شجرة متسلقة ، أوراقها عريضة وسميكة ، تنبت في تهامة ، شديدة الخضرة ، وطعمها حامض أقرب لطعم الليمون ، يتم جمع أوراقها وطبخها مع ماء وملح ، تستغرق وقتا طويلا حتى تصبح سائلا كثيفا أقرب للملوخية ، تُترك حتى تبرد وتؤكل لعقا بالإصبع أو بملعقة ، حموضتها تجعلها مناسبة جدا كمقبلات .
أول الأفكار مع هذه الشجرة كانت في المرحلة الثانوية عندما كان أستاذ الكيمياء يشرح لنا في درس الأحماض مسمياتها ومن أين تأتي ومكتشفيها ، فقلت له أنني سوف أكتشف (حامض الغِلِفِيك) ، فسألني عنه فشرحته له كما شرحته لكم في مقدمة المقال ، قال “ وماله يابني ، كل العلماء بيبدو كِدا”.
سوق السبت الشعبي بمدينة بلجرشي لازال يقام حتى اليوم ، ورغم التغير الكبير الذي طرأ على ذلك السوق بدخول كثير من المنتجات المستوردة الموجودة في كل الأسواق وفقدانه معظم شكله الماضي إلا أنه بقي محافظا على بعض خصوصيته في بيع بعض المنتجات التي لا توجد إلا فيه ، مثل الصحون والأدوات الخشبية المصنوعة يدويا من أشجار المنطقة وبالأساليب القديمة.
ومما حافظ السوق على خصوصيته (الغِلِفْ) الذي تخصصت في بيعه النساء من قرى معينة في المنطقة لكثرة وجود شجرته عندهم ، ويبعنه كذلك في سوق الخضار لكن ليس دائما ؛ لسن كثيرات من يعملن في بيع (الغِلِفْ) ، وبعضهن أشتهرن به منذ وقت بعيد حتى أصبح منتجهن مميزا ومطلوبا . الشاهد هنا أن إحداهن تُحْضر قِدرا كبيرا مليئ بالغلف تبيع مقدار 150غرام بخمسة ريالات ، مجموع ما تبيعه في ذلك اليوم بين 1500 و 2000 ريال على أقل تقدير ، أي أن دخل الواحدة منهن في الشهر في 4 أيام عمل 10000 ريال تقريبا .
الأسبوع الماضي كنت أناقش أحد الأخوة عن الأفكار الجريئة في التجارة ونجاحها في تسويق منتجات لم يكن من السهل تسويقها على نطاق واسع لولا تلك الأفكار الجريئة ، رد علىّ بشكل سريع وغريب “ سأغلف (الغِلِفْ) وأسوقه خارج بلجرشي” وأظنه كان يسخر ولم يكن جادا ، فقلت له “ إن إستطعت ذلك فستحقق أرباحا لم تخطر لك ببال” .
وفي الأسبوع الماضي أيضا زرت معرض المأكولات والفنادق والضيافة السعودي ولم أشاهد فيه ما يستحق الإهتمام ، ولم يكن معرضا للمأكولات السعودية ، بل لم يمكن فيه أي منتج سعودي تقريبا ولا فكرة سعودية وهذا ما حزّ في نفسي فعلا .
لكن ما لفت إنتباهي في المعرض فكرة تغليف وحفظ المعجنات الإيطالية المشهورة بأحجام صغيرة على شكل فطائر جاهزة للتسخين والإستخدام بشكل سريع ، بساطة الفكرة وعمليتها تُسهل تسويقها على نحو كبير ، وقد لاحظت ذلك أثناء المعرض .
الأفكار الجرئية في تصنيع وتسويق ماهو معروف أو غير معروف من المنتجات الشعبية البسيطة يفتح مجالا واسعا أمام الشباب للإنفراد بمنتجات لا ينافسهم فيها أحد ، ونقل تلك المنتجات من أسواقها التقليدية إلى أسواق أكبر وأوسع وأكثر عائدا . فهل نرى (الغِلِفْ) منتجا يُسوّق في المراكز التجارية الكبرى في المملكة ، ويمكن تصديره بأسماء تجارية تحمل شعارات تدل على مكان تصنيعه جنوب السعودية ؟ وهل يمكن أن نرى وصفات جديدة لذلك المنتج وغيره ؟ أذكر الغِلِفْ كمثال فقط ، المنتجات التقليدية الشعبية التي يمكن إنتاجها وتسويقها بطرق حديثة كثيرة ومجالاتها واسعة خصوصا للشباب والأسر المنتجة .
تذكّر : الأفكار الجريئة والجديدة تنقل المنتجات البسيطة للعالمية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال