الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مدير تطوير أعمال الطاقة الشمسية في شركة عالمية
ولاية أريزونا الولايات المتحدة
binsharidah1@
من الرائع جداً أن قطاع الطاقة المتجددة أوشك على الانطلاق بعد أن كان مجمداً لأكثر من خمس سنوات. وبذلك ستعمل أنواع الطاقة المتجددة المتوفرة تجارياً والقادرة على المنافسة اقتصادياً في الكثير من الأماكن على تحريك عجلة الإقتصاد السعودي، من خلال المساعدة في إنهاء إدماننا على النفط في الداخل والإتجاه للبدائل الغير نفطية. وكالعادة سوف تتطلب أي عملية بدء رئيسية إلى تطبيق سياسات حكومية مبتكرة، وتوفير بيئات استثمار مستقرة، وعمليات نقل للتكنولوجيا المتطورة.
سأتطرق في هذا المقال إلى ما ورد في #رؤية_السعودية_2030 بخصوص نصيب الطاقة المتجددة، وهو: (إدخال 9.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلي كمرحلة أولى عام 2023م). وهل هذا قليل أو لا؟
لا شك أن الطاقة المتجددة أصبحت من أهم العناصر في عالمنا الحاضر، بل أصبح هناك حاجة متزايدة لها ولامتلاكها. فهي التي ستساعدنا بعد الله على إكمال مسيرة حياتنا على هذا الكوكب سواء خلال عصر الوقود الإحفوري أو مابعده. ولكن امتلاكها يجب أن يكون بالتدريج، فنحن لا نملك مفتاحاً سحرياً نغلق به صنبور الوقود الإحفوري ومن ثم نفتح صنبوراً آخر للطاقة المتجددة .. هكذا فجأة !!. هذا ما يعتقده البعض من الذين لا يملكون خلفية علمية وعملية عن استخدامات الطاقة المتجددة وتطبيقاتها.
لنأخذ موضوع الطاقة الشمسية كمثال رائع على الطاقة المتجددة. فالجميع دائما يستشهد بوفرة الشمس التي حبانا الله بها والتي تغطي جميع أرجاء مملكتنا الحبيبة. ويعلق البعض على ذلك: “بأن علينا أن نستغل الوضع بسرعة، ونقوم بنشر محطات الطاقة الشمسية في كل بقعة من بقاع المملكة حتى يتسنى لنا الإستغناء الكلي عن استخدام النفط في أقرب فرصة ممكنة”. هذا صحيح تخيلياً .. لكن أنا أجزم أن الموضوع ليس بهذه البساطة. ولا كما يقول البعض بأن الهدف المراد تحقيقه من الطاقة المتجددة كمرحلة أولى (9.5 جيجاوات) في عام 2023م “هدف غير كاف، والواجب أن يكون الهدف أكبر من ذلك بكثير”. وهم في الحقيقة لم يطلعوا على الموضوع بشكل شامل، وأخذوا بالاعتبار عامل انخفاض الأسعار فقط وتجاهلوا العوامل الآخرى.
سبق وأن وضعت المملكة خطة طويلة المدى تقدر بـ 54 جيجاوات من الطاقة المتجددة لعام 2032م، وللأسف لم ينفذ منها شيء حتى يومنا هذا وذلك لأسباب ومعوقات كثيرة لا يسع المقال لذكرها. لكن في المقابل يجب أن ننظر إلى تلك الدول التي وضعت خططاً قصيرة المدى ليسهل عليهم تنفيذها، وهم ماضون في ذلك. والأمثلة كثيرة، ومنها: (الإمارات: بهدف 7% من الطاقة المتجددة في عام 2020م. الأردن: 10% من الطاقة المتجددة في عام 2020م. مصر: 20% من الطاقة المتجددة في عام 2020م. المغرب: تغطية 42% من احتياجات الطاقة عبر إنتاج الطاقة الشمسية بحلول عام 2020م).
لذلك أعتقد أن ما ورد في الرؤية الجديدة للطاقة المتجددة منطقي جداً، وأن الهدف يشكل حوالي 7% من قدرات التوليد المتاحة. حيث أننا سنقوم ببناء محطات تنتج 9500 ميجاوات خلال 7 سنوات فقط، وللمعلومية هذا الهدف كبير جداً. لأنه مبدئياً لابد أن يتخلله أنظمة تشريعية، وشراكات، وأطر تنظيمية، وتوطين تقنيات، وكل هذا يحتاج إلى وقت وأضف إلى ذلك وقت تنفيذ المشاريع. وعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى المشاريع؛ لوجدنا أن أكبر محطة شمسية كهروضوئية في العالم تبلغ قدرتها الإنتاجية 856 ميجاوات وتقع في الهند واسمها (Charanka Solar Park) والتي تم بناؤها على مراحل امتدت إلى أكثر من ثلاث سنوات ولا زالت تحت التطوير، وبالرغم من توفر جميع المقومات إلا أن عامل الوقت والتنفيذ يجب أن يأخذ مجراه. لذلك لو قسمنا إجمالي القدرات المراد إنتاجها حتى عام 2023م على عدد السنوات لاتضحت لنا الرؤية أكثر. حيث أننا بحاجة لبناء محطات طاقة متجددة تنتج حوالي 1300 ميجاوات سنوياً !!.
فالذي أود قوله أننا جميعاً مع سياسة التنويع العالمي لمصادر الطاقة والاستزادة من الطاقة المتجددة بكل اشكالها، والتي تكون ذات قيمة مضافة على الاقتصاد والبلد بشكل عام، لكن لسنا مع الأهداف الغير منطقية أو غير الملموسة وصعبة المنال والتي يصعب تحقيقها، وتظل حبراً على ورق دون تنفيذ أو تكون عبء على الاقتصاد. نحن بكل تأكيد نطمح أن نكون من رواد الطاقة المتجددة في العالم، ونعلم أن الأسعار أصبحت منافسة ومتدنية وهذا ليس بجديد على السوق العالمي، لكن لا يزال تنفيذ المشروع على أكمل وجه هو العامل الأهم والأساسي. فمن الواجب تأييد هذه الرؤية المباركة والسعي لتنفيذها بطرق واستراتيجيات حديثة، وذلك بتوفير التمويل اللازم من خلال الشراكات بين القطاع العام والخاص، والعمل على توطين نسبة كبيرة من السلسلة القيمة لهذه التكنولوجيا، ووضع إطار قانوني وتنظيمي يسمح للقطاع الخاص بالملكية والاستثمار في القطاع، والعمل على تحرير السوق (Liberalization Market). عندها يحق لنا أن نشترط قدرات أكبر في المراحل القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال