الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أمامي الآن تقرير عن ساعات العمل في بلدان العالم. وإذا ما قارنا أنفسنا معها فسوف نلاحظ أننا ما زلنا نعمل أكثر من سكان العديد منها. فحسب بيانات بنك يو بي إس السويسري فإن الموظفين والعاملين في العاصمة الفرنسية باريس يعملون 30,50 ساعة في الأسبوع محتلين بذلك المرتبة الأولى في العالم من حيث انخفاض ساعات العمل. تأتي بعدها في المرتبة الثانية مدينة ليون 31,22 ساعة. أما موسكو وهلسنكي فقد جاء ترتيبهما على التوالي الثالث 31,40 ساعة والرابع 31,91 ساعة عمل في الأسبوع.
ومثلما نرى فإن سكان أوروبا يعملون أقل من موظفي القطاع الحكومي في المملكة بنحو 5 ساعات ومن موظفي القطاع الخاص بـما يتراوح بين 9 إلى 10 ساعات في الأسبوع. فهل هذا يعني إن ساعات العمل في المملكة تحتاج إلى تخفيض.
أعتقد لا. فخفض ساعات العمل يفترض الا يناقش، على النحو الذي تم في بداية هذا العام تحت قبة مجلس الشورى، باعتباره غاية أو هدفا بحد ذاته. فهذا الموضوع يفترض أن ينظر إليه من 3 نواح أو مستويات.
المستوى الأول هو عارضي قوة العمل الذين يهمهم بالتأكيد الساعات التي سوف يقضونها مقيدين بين الجدران التي يعملون بداخلها. المستوى الثاني هو طالبي قوة العمل. وهذه جهات، سواء أكانت حكومية أم خاصة، يهمها ليس فقط ساعات العمل وإنما الإنتاجية أو هكذا يفترض. أما المستوى الثالث فهو الجهات التشريعية التي يفترض أن توفق بين المستوين السابقين.
وبصراحة فإن العمل في القطاع الحكومي ليس هو المقياس ليتم الركض من أجل اللحاق به. لأن الإنتاجية في هذا القطاع غير مرتفعة؛ ليس فقط في بلدنا وإنما في جميع أنحاء العالم تقريباً. ولهذا لا يمكن أن نأخذ ساعات العمل في هذا القطاع كمعيار لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف. بالمثل فإن ساعات العمل في المدن التي تم ذكرها في الأعلى هي الأخرى من غير الممكن أن نأخذها كمقياس لنا لأن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذه المدن ليست فقط منخفضة وإنما سالبة. كما أن مستوى البطالة في أوروبا من بين أرفع المعدلات في العالم الصناعي.
وبصفة عامة فإن النموذج الأوروبي في هذا المجال لا يناسبنا. فالمملكة من البلدان النامية التي تسعى إلى إعادة هيكلة اقتصادها وتحقيق معدلات نمو في القطاعات غير النفطية. وهذه وتلك لا تتفق مع خفض ساعات العمل. فنحن من أجل تحقيق ما جاء في رؤية 2030 يفترض أن نتطلع إلى بلدان وتائر النمو فيها عالية مثل الهند والصين اللتين يعمل الناس فيهما 42,58 ساعة و50 ساعة في الأسبوع على التوالي.
ورغم ذلك فإن تقليل ساعات العمل يفترض أن يكون واحدا من الأهداف التي نسعى إليها. ولكن ليس على حساب الإنتاج، السلعي أو الخدمي، المفترض تدفقه. فهذان الأمران ليسا على طرف نقيض كما قد يبدو. فخفض ساعات العمل ورفع الإنتاجية ممكن تحقيقهما في نفس الوقت إذا ما قامت المؤسسات الحكومية والخاصة بإعادة هيكلة نفسها واستخدمت تكنولوجيا أكثر تطورا من تلك التي تعمل عليها الآن.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال