الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المقصود هنا المصارف التجارية. ما عداها غير مقصود، ومنها مصارف ذات طبيعة تنموية تؤسسها حكومات كثير من الدول – ومنها المملكة – ليس بهدف الربح. كما أن منها مصارف تقوم على الربح لكن خدماتها محصورة إما على أنشطة تتعلق عادة بسوق المال مثل مصارف الاستثمار ومصارف الادخار، أو على أنشطة وفئات محددة من المجتمع.
لنرجع عشر سنوات تقريبا. في جلسته المنعقدة يوم الإثنين 27 صفر 1427 الموافق 27 مارس 2006، قرر مجلس الوزراء الموافقة على تأسيس شركة مساهمة سعودية باسم “مصرف الإنماء”. وأصبح عدد المصارف السعودية 12 مصرفا بعد قيام هذا المصرف، وما زال الرقم لم يتغير حتى يومنا هذا. وعدد فروعها قرابة ألفي فرع.
السؤال الآن: هل عدد المصارف السعودية قليل مقارنة بالوضع في دول أخرى؟
الزمان والمكان لا يسمحان بعرض مقارنة بدول كثيرة، وإنما بدول قليلة، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
لنبدأ بدولة الإمارات التي يحلو للكثيرين الاستشهاد بها أكثر من غيرها في معرض المقارنة في عديد من الأمور. في الإمارات نحو 46 مصرفا تجاريا، تحوي قرابة 1100 فرع، وتتوزع على نوعين: مصارف محلية وعددها 21 مصرفا وفروع لمصارف أجنبية يبلغ عددها 25 مصرفا. وكما الوضع في المملكة، فإن معظم أسهم المصارف المحلية مملوكة من قبل مواطنين.
المصارف الإماراتية بصفة عامة ومن حيث المتوسط أصغر حجما وأقل في رأس المال وعدد الفروع من المتوسط للمصارف السعودية. لكن من الواضح أن المنافسة المصرفية سواء بعدد المصارف أو عدد الفروع أعلى في الإمارات بصورة كبيرة، حيث إن عدد سكان الإمارات يعادل ربع سكان المملكة تقريبا ومساحتها أقل من 5 في المائة من مساحة المملكة (أكثر من مصدر منها موقع مجلس التعاون).
الوضع مشابه في البحرين ولبنان ففي كل دولة منهما أكثر من 55 مصرفا، مع أن سكان كل واحدة منهما أقل كثيرا جدا من سكان المملكة.
في كندا التي تتشابه مع المملكة في عدد السكان، 68 مصرفا، منها 19 مصرفا مملوكة محليا، والبقية 49 تعتبر مملوكة من أجانب. ولكن تستحوذ ستة مصارف محلية على نحو 90 في المائة من أصول المصارف.
أما بريطانيا فلا يتوافر لدي رقم دقيق لعدد مصارفها التجارية ولكن العدد يدور حول 220 مصرفا تقريبا يخدمون سكانا يبلغون نحو 60 مليونا، أي ما يعادل ضعف سكان المملكة.
الوضع في أمريكا أكثر إحراجا للمقارنة. فسكان الولايات المتحدة أكثر من المملكة بنحو عشر مرات لكن فيها نحو 7500 مصرف، وتتفاوت فيما بينها تفاوتا كبيرا جدا من حيث الأصول، فهناك مصارف – وإن كانت قليلة – تبلغ أصول الواحد منها أكثر من أصول المصارف السعودية مجتمعة، ولكن نصف المصارف الأمريكية صغير، حيث لا تتجاوز أصول الواحد منها عشرات الملايين من الدولارات.
ذكر الملك سلمان إبان توليه إمارة منطقة الرياض خلال رعايته حفل الافتتاح الرسمي لبنك البلاد قبل عشر سنوات تقريبا، ذكر كلاما يفهم منه أن الجواب نعم، فقد قال إن السعودية بحاجة إلى مزيد من المنشآت الاقتصادية الكبرى لتلبية احتياجات النمو المستقبلية.
أما محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي آنذاك حمد السياري فقد صرح في المناسبة نفسها بأن زيادة عدد المصارف السعودية، والسماح للمصارف الأجنبية بافتتاح فروع لها في السعودية، سيساعدان على وجود سوق مالية تنافسية تسهم في زيادة التنافس في مجال تقديم الخدمات بين المؤسسات المصرفية. وفي هذا الإطار أشار إلى توقع فتح سبعة فروع لمصارف خليجية، وأجنبية سبق صدور تراخيص لها.
الخلاصة إن عدد المصارف لدينا قليل مقارنة بحجم الدولة مساحة وسكانا واقتصادا. ولي أن أدعي أن عندنا احتكار قلة في الخدمات المصرفية. ومن اللافت أن برنامج التحول الوطني تطرق إلى هدف تحسين الخدمات وتنافسية الأسعار لمصلحة المستهلك. وتبعا، فإن السلطات النقدية في المملكة مدعوة ليس فقط إلى السماح بإنشاء مصارف محلية جديدة، بل إلى دعم ذلك. وينبغي أن ترخص على أساس توزيع مقارها الرئيسة على مناطق المملكة بحيث ينال المناطق غير الرياض ومكة والشرقية نصيبا منها. والأمل معقود بعد الله على القيادة الجديدة لمؤسسة النقد في تحقيق هذه الطموحات، لتكون ضمن منجزاتها، وضمن تطلعات “رؤية 2030”. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال