الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
محلل مالي واقتصادي
Economy_Affairs@
زاد قرار رسوم الأراضي مؤخراً الطين بلة بالنسبة إلى المستثمرين في السوق العقاري. ويبدوا أنه أحرق ما تبقى من أوراق للسوق العقاري الذي ترنح الفترة الماضية وحاول يائساً تحمل الصدمات التي تسبب بها إنهيار أسعار النفط بعدتدهور الأوضاع الإقتصادية العالمية مؤخراً، والتي ألقت بظلالها السلبي على اقتصادنا بشكل كبير. لكن لا يزال هناك بصيص أمل بالنسبة لمستثمري العقار، فلا تزال هناك وجهات نظر تدافع عن الأسعار الحالية للعقار، حيث يتم تداولها في وسائل التواصل الإجتماعي. وهي عادةً لا تخرج عن أمرين: إما أن(الرسوم سترفع من أسعار العقار)، أو أن (العقار هو الإبن البار). وهنا سأتناول النقطة الأولى التي تقول بأن الرسوم ستقود لإرتفاع أسعار العقار، لإنني لم أقرأ من قبل أن هناك قاعدة اقتصادية تُسمى (العقار هو الإبن البار).
علمياً، الرسوم (الضرائب) تقلل العرض، وترفع الأسعار، ولكن هذا لا يكون إلا بشروط: أولاً، أن تطبق الرسوم في الأسواق الطبيعية التي تكون فيها الأسعار عادلة وغير متضخمة. ثانياً، أن يكون هناك اتزان في معادلة الطلب والعرض.ثالثاً، أن تكون الرسوم هي العامل الوحيد في التأثير في معادلة العرض والطلب. ولإن هذه الشروط لا تنطبق على السوق العقاري كما سنستعرض بعد قليل، تصبح الرسوم (الضرائب) أحد أدوات السياسة المالية الإقتصادية التي تستخدمها جميع الدول (إما لزيادة دخل الدولة، أو كبح جماح التضخم لمنتجات معينة، أو كلاهما معاً).
أما الشرط الأول فيما يخص الأسعار، فيقول أحد الرؤساء التنفيذين لأحد المصارف في تصريح لأحد الصحف المحلية، قبل شهرين، أنه يجب العمل على تسهيل برامج الإسكان لكون الأسعار متضخمة ولا تتلائم مع القوة الشرائية للمواطنين. أما مؤسسة النقد فتقول في تقريرها للعام 2015 أنها ملتزمة (بتخفيف مخاطر النظام في القطاع المصرفي الناشئة عن المحفظة العقاريةوفي ضوء ذلك وضعت اجراءات احترازية والتي كان منها زيادة نسبة الدفعة الأولى إلى 30%). فالسؤال هنا هل الأسعار متضخمة أم عادلة في ضوء ما سبق؟!
المحور الثاني: هل هناك اتزان في معادلة الطلب والعرض؟! وهل سيسمح السوق العقاري بتقليل العرض ليتم رفع الأسعار؟! تقول احصائيات مؤسسة النقد في عام 2015 أن إجمالي القروض العقارية للأفراد بلغ 102 مليار ريال، وهو ما يعني أن هناك انخفاض في نسبة القروض العقارية، إذ كان النمو في نسبة القروض العقارية للأفراد 34% في عام 2014، بينما كان النمو في عام 2015 ما يقارب 8% (أي بفارق -26%، وهو ما يعني انخفاض نسبة النمو بواقع -23.4%). فماذا يعني هذا الإنخفاض في قروض الأفراد التي قالت عنه مؤسسة النقد أنه المحرك (الرئيس) للنمو العقاري حيث تشكل القروض العقارية للأفراد ما نسبته 63.3% من إجمالي القروض العقارية؟ وهل ستكون هناك قابلية لتقليص العرض في الوقت الذي يشهده فيه السوق ركوداً وفقاً لبيانات وزارة العدل، ووفقاً لرئيس غرفة المنطقة الشرقية الذي قال قبل أسبوعين بأن هناك انسحاب لـ 20% من المقاولين بسبب الركود العقاري؟! وكيف يستطيع السوق العقاري تقليل العرض في الوقت الذي يشهد فيه السوق عزوفاً كبيراً في الطلب كما بينت الأرقام السابقة؟!
المحور الثالث: هل رسوم الأراضي هي العامل الوحيد المؤثر في معادلة العرض والطلب؟! إذا كانت الإجابة لا تزال نعم، فما هو تأثير انهيار أسعار النفط الذي سيخفض معدل إنفاق الدولة على توسع القطاع الخاص؟ وهل سيستمر القطاع الخاص في التوسع التجاري نفسه والاستمرار في الطلب على المنتجات العقارية وهو يعتمد بشكل كبير على معدل إنفاق الدولة؟ وفي المقابل، ما مدى تأثير ارتفاع معدل إقراض البنوك للدولة، التي قالت عنه ساما أنه أرتفع 90%، على معدل إقراض البنوك للشركات والأفراد؟! لنختصر الجهد في التفكير للإجابة على هذا السؤال، نرجع لبيانات مؤسسة النقد في تقريرها لعام 2015. فوفقاً للمؤسسة، فإن نسبة نمو إجمالي القروض العقارية (للشركات) كانت 23% في عام 2012، ثم ارتفعت إلى 43% في العام 2013، ثم تراجع النمو في عام 2014 (مع انهيار أسعار النفط) فبلغ 31%، وفي عام 2015 تراجع النمو أكثر ليصل عند 30.1%، وهو ما يؤكد عزوف الطلب من الشركات عن القروض العقارية. أما العوامل المستقبلية التي ستؤثر في الإحجام عنالطلب، كالرفع التدريجي لمعدل الفائدة الأمريكي الذي سينعكس على سعر الفائدة في البنوك المحلية، والذي سترتفع معه تكلفة الإقراض، فلا داعي للدخول في تفاصيله.
نقطة خروج: في الإحتكار، هناك نظرية اقتصادية شهيرة تُسمى (Prisoner’s Dilemma) يتفق فيها الطرفان على البيع بسعر معين، ثم ينقض أحدهما الإتفاق ليبيع بسعر أقل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال