الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الطريقة التي أعلنت بها الحكومة برنامج التحول الوطني أسست لمفهوم جديد في الشفافية والمسؤولية والتواصل مع المجتمع. فقيام كل وزير ومسؤول بالإفصاح عن رؤيته لأهداف خطة التحول لوزارته أضاف بعدا جديدا للتحول. فالوزير بهذا الأسلوب يكشف عن فلسفته في فهم دوره من البرنامج، ليوائم بين مبادراته وبين طموحات المواطن. الأمر الذي يفتح المجال أمام المحاسبة من المجتمع، بشكل يسهم في الدفع نحو تحقيق كل جهة حددتها الخطة لأهدافها. ولكن حتى يكتب النجاح الكامل لخطة التحول والرؤية السعودية 2030 لاحقا، فمن الضروري أن يكون التنسيق بين مختلف أهداف الجهات المعنية بالخطة على أعلى المستويات.
كل تغيير بسيط لأي مبادرة سيؤثر بلا شك في كامل البيئة السعودية، وبالتالي ستتداخل بقية جهات البرنامج في تحقيق روح البرنامج. فحتى تنمية الترفيه وتعزيز الأدوار الثقافية والفنية لها أثر اقتصادي إيجابي وإن كان غير مباشر. وهذا هو الدور الذي يلعبه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الوزاري في إشرافه على الخطة والتنسيق بين الجهات الـ 24 التي عينها البرنامج لتحقيق المبادرات.
أهم المبادرات التي يتشارك فيها عدد من الجهات بشكل أو بآخر هي توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين. فإلى جانب وزارة العمل وعملها على توطين قطاعات وأنشطة اقتصادية محددة، فإن وزارة التجارة ستعمل على تنمية بيئة الاستثمار لاستقطاب كبريات الشركات الأجنبية للعمل في السعودية، وكذلك وزارة التعليم ومواءمة مخرجاتها مع سوق العمل ووزارة الطاقة والصناعة وغيرهم. كل الجهات تضع وظيفة المواطن وخصوصا الشباب كأولوية قصوى تسعى لتوفيرها، رغم أن مكافحة البطالة والسعي للوصول إلى التشغيل الكامل لقوى العمل هو من صميم اختصاصات وزارة العمل.
وزير العمل، الدكتور مفرج الحقباني، في عرضه لفلسفته حول مبادرات برنامج التحول الوطني، يرى أن وضع القيود على إصدار التأشيرات الجديدة للعمالة الأجنبية لا يمكن أن يكون هدفا للوزارة. فوضع القيود قد يؤثر بشكل سلبي في فرص توفير وظائف للمواطنين. فمن الممكن أن تحتاج وظيفة واحدة لمواطن استقدام المزيد من العمالة الأجنبية الرخيصة إلى إيجادها ودعهما.
كلام وزير العمل منطقي من الناحية النظرية والعملية، ولكن يغيب عنه البعد الأهم لخطة برنامج التحول الوطني وهو التنسيق العالي بين مختلف الجهات. ما نريده من برنامج التحول الوطني هو الارتقاء بالاقتصاد ورفع كفاءته الإنتاجية، وليس مجرد المزيد من الوظائف التي نعرف أن لا قيمة حقيقية مضافة لها. كما يجب قياس حجم الاقتصاد إلى حجم القوى العاملة فيه ودراسة تناسبهما. فمهما كان الاقتصاد ناشئا وواعدا، فإنه لا يمكن أن يعيل ما يزيد على طاقته إلا بشكل يقصر فيه مما يقدمه من رفاهية وموارد لبقية أفراد المجتمع.
علينا أن نعي أن لكل مشكلة جوانب متعددة، وأن سعينا في زيادة حجم الاقتصاد بالمزيد من العمالة الرخيصة ليس إلا هدرا لمواردنا وإحباطا لكفاءة الاقتصاد. برنامج التحول الوطني يهدف إلى تحول حقيقي نحو الإنتاجية، وليس مجرد إيجاد حلول تؤتي ثمارها اليوم، لتسرق منا المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال