الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يحتاج جهاز الحاسب لإعادة تشغيل ولضبطه من وقت لآخر وعموم الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية كالمركبات فيلزمها الصيانة والعناية لتستمر بالعطاء والعمل بكفاءة، وكذلك الإنسان جسداً وروحا يستلزمه من حين لآخر فترة ترويح ونقاهة لتحقيق الإستقرار النفسي الروحاني والجسدي، وفي هذه الأيام المباركة، الأيام المعدودات، أيام المغفرة والرحمة والعتق من النار، هي برأيي أيام ترميم وصيانة وتنقية للقلب والروح لتوثيق العلاقة بالله في هذا الشهر، فحرياً بنا جميعاً بادئ بنفسي تذكيراً وتحفيزاً لإغتنام خيرات هذه الأيام وتمييزها عن غيرها من الأيام بالإكثار من العبادات تقرباً لله للغني، فالرسول صلّ الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في شهر رمضان، وخاصة ونحن بمنتصف شهر الخيرات وعلى أبواب العشر المباركات، لنتدارك أنفسنا فيما بقى منه ونشد العزم للمواصلة والزيادة، سائلاً الله صلاح النية والذرية وقبول الأعمال وجبر ما يعترها من نقص. أما عن موضوعنا، فالعلم وهو رّاية تُعرف بأنها قطعة من قماش تتضمن رمزاً أو أشكالاً أو كتابات للدلالة على هوية معينة، فالعلم وفقاً لما أطلعت عليه من كتابات أنه وجد في الفترة بين (500) إلى (300) سنة قبل الميلاد بجنوب آسيا كالهند والصين، وكان إستخدامه في ميادين الحروب لتنسيق الجنود والأفواج، ثم توسع إستخدامه ليكون رمزاً للهوية القبلية أو الدولة أو الممالك، والرسول صلّ الله عليه وسلم كانت له عدة رايات تختلف بحسب الأوقات أشهرها: راية العقاب مربعة الشكل سوداء اللون مكتوب في وسطها باللون الأبيض (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتعد هذه الراية لشهرتها من رموز المسلمين. وأصبح للعلم حالياً شائعاً ولازماً في المجتمع الدولي ولم يعد قصراً على الدول، فمثلاً الهيئات الرسمية الأُمَميّة لها علمٌ خاص، وبعض الشركات تتخذ لها علم يحمل شعارها وهويتها وترفعه بجانب علم الدولة، كما أن العلم يختلف عن شعار الدولة وليس بالضرورة أن يحمل شعارها، ولأهمية عَلَمُ الدولة على المستوى المحلي والخارجي؛ أُصدر نظام العلم في عام (1393هـ) ونُسلط الضوء على بعض أحكام نظام العلم. صدر نظام العلم بموجب المرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 10/02/1393هـ ويتكون من (22) مادة، ونُشر بجريدة أم القرى في عام (1393هـ) وفقاً لما هو موضح بالموقع الإلكتروني لهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وتتضمن مواده وصف العلم والأصول والأحوال المتعلقة برفع العلم داخلياً وخارجياً وعقوباته، وللنظام لائحة تنظيمية صادرة من مجلس الوزراء بالقرار ذي الرقم (422) وتاريخ 10/05/1398هـ وفقاً للمادة (21) من النظام وتتكون من (07) مواد، كما أن المادة (22) أسندت لوزير الداخلية إصدار لوائح تنفيذية للنظام إلا أنيّ لم أتمكن من الإطلاع عليها ويترجح عندي أنها لم تصدر. وعند صدور النظام الأساس للحكم بموجب الأمر الملكي رقم (أ/90) وتاريخ 27/08/1421هـ نُص في مادته (03) على: ” يكون علم الدولة كما يلي: “أ-لونه أخضر. ]الأخضر الزمردي[ ب- عرضه يساوي ثلثي طوله. ]مستطيل الشكل[ ج- تتوسطه كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تحتها سيف مسلول، ولا ينكس العلم أبدا. ويبين النظام الأحكام المتعلقة به.” يقصد بالنظام الإحالة لنظام العلم. كما جاء في المادة الــ(04) منه: شعار الدولة سيفان متقاطعان، ونخله وسط فراغهما الأعلى، …” فجاء النظام الأساس للحكم بمادته الـ(03) مؤكداً على ما ورد بنظام العلم في مادته الــ(01) الخاصة بوصف العلم والــ(13) الخاصة بحرمة تنكيس العلم نهائياً، كما يتضح مما ورد بالنظام الأساس للحكم أن العلم يختلف عن شعار الدولة، فالعلم يتضمن هوية الدولة السعودية (لا إله إلا الله محمد رسول الله). ووفقاً للمادة الــ(02) من نظام العلم فللملك علم خاص يطابق العلم الوطني مضافاً له بزاويته الدنيا عند ركن عامود العلم شعار الدولة السيفين والنخلة مُحاك بخيوط حريرية مُذهبة، ويُسمى بعلم الملك أو علم خادم الحرمين الشريفين، ووفقاً للمادة الــ(19) يحق للوحدات العسكرية والجهات الرسمية أن تتخذ لها رّاية خاصة وتخضع لأحكام هذا النظام على أن تعتمد أشكالها وشروطها بقرار من الوزير المختص ويودع نموذجه لدى المراسم الملكية. ووضح النظام في مادته الـ(04) أصول رفع العلم داخلياً، فحدد وقت تنصيب العلم ورفعه بأن يكون من وقت شروق الشمس وقبل غروبها، كما وضح النظام موضع تنصيب العلم على المبنى، فقرر بأن يرفع العلم في زاوية المبنى اليمنى بأن يكون العلم على يسار الناظر للمبنى، ونرى بأن رفع العلم إن تعددت واجهات المبنى فيكون على واجهته الرئيسة لا ما نراه في بعض الجهات الرسمية بجعله على واجهة جانبية. وإن كان هناك علم دولة أجنبي أو هيئة رسمية أجنبية أو عدة أعلام سترفع داخلياً فيلزم أن يرفع العلم الوطني معه، ويكون العلم الوطني السعودي متوسطاً لمجموعة الأعلام إن كان عددها فردياً، وفي الوسط بإتجاه اليمين – أي على يسار الناظر له – إن كان عدد مجموع الأعلام زوجياً، ووجوباً أن تكون السارية في وسط المبنى، ويُمنع أن يعلو أي علم على العلم الوطني. وفي اللائحة التنظيمية للنظام تقرر بالمادة الــ(03) أنه يجب أن لا يقل إرتفاع سارية العلم إن كانت في ميدان أو ساحة عامة عن ستة أمتار، وإن كانت على مبنى أن لا تقل عن ثلاثة أمتار، وبكل الأحوال يجب أن لا يقل عرض العلم عن ثمانين سنتيمترا. كما تقرر بالمادة الــ(06) من النظام، على أنه يجوز -مع مراعاة قواعد المعاملة بالمثل والقانون الدولي -للممثليات الدبلوماسية أو الهيئات الدولية كالأمم المتحدة رفع العلم الأجنبي على مبانيها أو مركباتها، ولا يجوز لغيرهم رفع العلم الأجنبي بالمملكة إلا بالأعياد والمناسبات الرسمية بعد الحصول على الموافقة من وزارة الداخلية، وعند الموافقة يلزم أن يكون مجاوراً للعلم الأجنبي العلم الوطني السعودي متناسبان في المقاس ولا يعلو العلم الأجنبي على الوطني، وللعلم الوطني السعودي مكان الشرف، فهل الفنادق مثلاً حصلت على موافقة الداخلية لرفع الأعلام الأجنبية ..؟ فالعلم الوطني بكل الأحوال داخلياً، يلزم أن يكون له دوماً موقع الشرف، بالوسط أو بالوسط ناحية اليمين عند إجتماعه مع غيره من الإعلام أو على يمين عندما يكون منفرداً على المباني أو مواكب المركبات الأجنبية. والعلم الوطني السعودي يُحرم نظاماً تنكسيه وهو إخفاض العلم لوسط السارية داخلياً أو خارجياً، كما تقرر بالمادة الــ(14) بأنه لا يجوز نهائياً أن يلمس العلم الوطني أو العلم الخاص بالملك سطح الأرض أو الماء أي البحر أو أي علم سعودي يحمل الشهادتين -أي يبقى مرفوعاً دائماً -ليس إحتراماً وتقديساً للعلم بل لما يحتويه العلم، وأجزم بأنه ليس هناك علم وطني بالعالم إلا وينكس ولم يقرر منع وتجريم صريح لملامسته للأرض أو الماء كالعلم السعودي، وعليه فينفرد علم المملكة العربية السعودية -حماها الله -بهذه الحماية القانونية والمعترف بها دولياً. أما في المادة الــ(16) من نظام العلم، فتقرر بموجبها منع رفع العلم باهتاً لونه أو معيب الشكل أو المظهر أو القدم المؤثرة على إستعماله وشكله فيلزم إستبداله، ولا يُتلف العلم إلا حرقاً من الجهة التي إستعملته، ونرى واقعاً بأن هناك أعلام مرفوعة بكل آسف مهترئة أو تالفة ممزقة أطرافها ولا زالت منصوبة جهلاً بالنظام وعدم وضوح الإختصاص أو تراخياً وعدم مبالاة، ووفقاً للمادة الــ(06) من اللائحة التنظيمية للنظام العلم يختص المكلفين بحراسة – العسكريين أو الحراسات الخاصة إن وجدت -المباني الحكومية أو المؤسسات أو الهيئات العامة برفع العلم ومتابعة حالته ومناسبته للإستعمال، كما أنه في حال لم تكن هناك حراسة فإدارة الجهة أياً كانت الرافعة للعلم مسؤولة عن تطبيق النظام وما يختص برفع العلم، أما الجهات الخاصة فإدارتها هي المكلفة بالنظام وتطبيق إجراءاته. أما عن العقوبات الواردة بالنظام فحددت الأفعال التالية المعاقب عليها: 01) إسقاط. أي بملامسته للأرض أو الماء أو إنزاله عن السارية بصفة ووقت غير نظامي. 02) إعدام. ونرى بأن اللفظ يقصد به الإعتداء بأي شكل أو صورة كانت أو الإتلاف. 03) إهانة بأي طريقة كانت العلم الوطني أو الملكي أو أي شعار للمملكة العربية السعودية كراهية أو احتقاراً للحكومة السعودية وتسري هذه العقوبة كذلك على علم الدولة الأجنبية الصديقة. ويكون الفعل مجرماً متى ما كان علناً أو بمكان عام أو في مكان مفتوح للجمهور وحددت العقوبة بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي هذه الأفعال المُحددة إقصاء للأفعال التي تتم على النطاق المغلق أو الأماكن الخاصة، ما يستوجب تعديلها، فحرمة العلم وإحترامه واجبة في كل مكان وزمان خاصة لشموله على لفظ الشهادتين. فنرى بأن العقوبات لا تتناسب والعلم وأهميته كما أن الإختصاص بالمتابعة والعناية جُعل للحراسات وهناك بعض جهات رسمية ليس لها حراسات وترفع العلم ويترك على مبناها أو في ميدان عام بحالة سيئة وممزق الأطراف أو باهت اللون، فضلاً عن جهل غالب رجال الحراسات بنظام العلم وأصوله، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر في عقوبات النظام لتتناسب والأفعال المجرمة عند تحققها وتطوير اللائحة التنظيمية لنظام العلم والعناية برفع وعي المجتمع بالعلم وأصوله تحقيقاً للرقابة المجتمعية وتعزيراً للإنتماء الوطني. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العلي العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلمين ونتوب إليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال