3666 144 055
[email protected]
في بعض السنوات أكتب عن شهر رمضان ودائما في بداية الشهر الكريم، ولكن هذا العام اخترت الكتابة في نهاية الشهر لأن ما أقترحه قد يأخذ وقتا للقبول ناهيك عن التنفيذ. شهر رمضان له معان روحانية وتربوية في المقام الأول، ولكن له أيضا جوانب مادية. للصوم معنى في العلاقة مع الآخر وله علاقة مع النموذج الاستهلاكي المؤثر في الاقتصاد. شهر رمضان يشكل 8.3 في المائة من حياتنا. هذا الجزء المهم أصبح شبه معطل لأسباب إدارية في المقام الأول. المجتمع ضعيف الإنتاجية في الأساس، ولذلك من المستحسن استغلال كل فرصة ولو صغيرة لزيادة الإنتاجية وفعالية المجتمع. كما أن الطقس في أغلب المملكة وخاصة عندما يأتي شهر رمضان بين نيسان (أبريل) وتشرين الأول (أكتوبر) يكون شديدا على الصائم. الأفضل أن تكون ساعات العمل بعد صلاة الفجر مباشرة وحتى آذان صلاة الظهر. هذه أطول فترة تجمع بين الطقس المناسب وطول الفترة دون انقطاع ما يجبر الناس على درجة من الانضباط دون تحويل رمضان إلى شهر للسهر وتضييع الوقت. كما ستوفر الحكومة في فاتورة الكهرباء حيث ذروة الحاجة إلى التكييف. للحقيقة هذا ليس اقتراحا جديدا وإنما دعوة للرجوع إلى فترة ليست بعيدة حين كان المجتمع أكثر تكيفا مع ظروفه وأكثر عقلانية.
تدخل الجهاز البيروقراطي في فترة الهجمة الاستهلاكية وجاء بقرارات بعيدة عن الحاجة للفعالية والجدية، بدا للجهاز وكأن ليس هناك تكلفة لقرار تغيير ساعات العمل في رمضان. القرار كان مخالفا للحياة الرشيدة وأفرغ الشهر الفضيل من بعض المعاني السامية. في ظل روح الرغبة في خطة التحول الوطني أجد أن الرسالة الضمنية بالجدية أهم بكثير من النواحي المادية. هي دعوة لخطوة بسيطة نحو الجدية والعقلانية في التصرفات. التحول الوطني يتطلب تغييرا في أنماط التصرفات والتخلص من تبعات التقصير الذي أعاق تقدم المجتمع.
التحول الوطني يهدف إلى تعديل الكثير من الممارسات الإدارية والاجتماعية والشخصية ولكن لابد من قرار حكومي يفضل أن يأتي بعدة شهور قبل بداية شهر رمضان القادم لكي يستعد الناس والجهات الحكومية والشركات وتراجع ما قد يلزم من تغيير إجراءاتها للاستعداد. الإنتاجية بطبعها عقلانية ولذلك تتطلب خطوات صغيرة هنا وهناك لتحريك المجتمع.
تعديل ساعات العمل في رمضان واحترام روحانيته جزء من هذه المنظومة. قد يقول البعض إن زيادة 15 في المائة في إنتاجية شهر رمضان على سبيل المثال الذي جزء منه إجازة رسمية ليست قصيرة “وهذه أيضا أحد مصادر التراخي” لا تعني الكثير ولكنها في نظري رسالة تعني الكثير وتتعدى القيمة المادية مع أهميتها. قد نقول الكثير حول الخطط الفوقية ولكنها أخيرا لا بد أن تغير تصرفات الناس فرديا وجمعيا. هذه تتطلب خطوات صغيرة تجمع بين المادي والرسالي وهذه إحداها.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734