الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سجل عام 2015 أرقاما قياسية للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، مكملة مسيرة من الأرقام القياسية على مدى الأعوام الستة الماضية. فقد وصل إجمالي الإنفاق الرأسمالي على طاقات الإنتاج الجديدة إلى 285 مليار دولار، لتصل بإجمالي الطاقة المولدة من المصادر المتجددة إلى أقل من 2 تيرا واط بقليل. ولكن تظل حصة الطاقة المولدة من جميع أنواع الطاقة المتجددة، التي تشمل بعض الأنواع المثيرة للجدل مثل الوقود الحيوي والطاقة الكهرومائية، متواضعة عند مقارنتها بمصادر الطاقة من الوقود الأحفوري، حيث تقبع عند 1.5 في المائة فقط من إجمالي الطاقة المنتجة على مستوى العالم.
الاستثمار القوي في الطاقة المتجددة يؤكد اتجاه أسواق الطاقة نحو الطاقة المتجددة، توليدا وانتشارا. فالأموال التي ضخت لإنشاء توليد الكهرباء من المصادر المتجددة فاقت مثيلتها لدى محطات التوليد التي تعتمد على الوقود الأحفوري. ولكن مع ذلك يبقى إجمالي الاستثمار في قطاع النفط والغاز أعلى بأكثر من الضعف، نظرا لضخامة حجم القطاع التقليدي في الأساس. الاتجاه الجديد المؤثر لاستثمارات الطاقة المتجددة هو زيادة حجم إضافات الطاقة لدى الدول النامية على الدول المتقدمة. فقائمة الدول الأكثر إضافة لتوليد الطاقة من المصادر المتجددة ضمت الولايات المتحدة في المركز الثاني كالدولة الوحيدة من مجموعة الدول المتقدمة، بينما جاءت الصين على رأسها. وهو الأمر الذي يتناسب مع زيادة استهلاك الطاقة في الدول النامية بشكل عام في الوقت الذي تحافظ الدول المتقدمة على مستويات استهلاكها مستقرة منذ أقل من عقد.
تفوق مصادر الطاقة المتجددة في استقطاب الاستثمارات يبدو واضحا تماما، ولكنه بالكاد يغير في خريطة مصادر توليد الطاقة على مستوى العام واعتماده على النفط خصوصا. نجد دولا أوروبية وولايات أمريكية تمكنت من إنتاج كامل استهلاكها من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة لعدة أيام، ولكن يبقى قطاع النقل هو المستهلك الأهم للطاقة. ومع ارتفاع كفاءة محركات الاحتراق الداخلي، فإن التحول إلى السيارات الكهربائية بشكل كامل لا يبدو قريبا. فنجد أن انخفاض أسعار النفط دفع باستهلاك الوقود إلى تسجيل مستويات عالية جديدة حتى في الدول الأكثر تقدما.
على الرغم من التوجه القوي نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن مؤشرات تراجع هذا الاتجاه آخذة في الصعود بشكل أقوى. فالدعم الحكومي للطاقة المتجددة، خصوصا في أوروبا، بدأ في التراجع بعد استنفاده دوره. فالطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح باتتا قادرتين على منافسة محطات توليد الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري على أساس تكلفة الوحدة. هذا التراجع سيخضعها لقوى العرض والطلب من السوق، وهو ما تحتاج إليه مصادر الطاقة المتجددة اليوم لتحقق طفرة جديدة في هيكلة تكاليفها.
تراجع الاتجاه الصاعد مع تعزيز موطئ قدم الدول النامية في مجال الطاقة المتجددة يتيح لنا فرصة الريادة في قطاع الطاقة. فدخولنا إلى هذا المجال لدعم تحقيق نقلات نوعية في كفاءة الإنتاج وتكاليفه لن يؤثر في ريادتنا في قطاع الطاقة الأحفورية. وبذلك نتمكن من البقاء كمصدر العالم كله الأساسي في جميع مجالات توليد الطاقة، المتجددة والتقليدية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال